نيفين عبد الهادي
لم يبتعد الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني في كافة علاقاته العربية العربية تحديدا عن الصف العربي والمصلحة العربية ووحدة المواقف، عملا لا قولا، فبنى سياساته الخارجية بناء على هذا النهج الذي أبقاه دولة مميّزة مختلفة، تقف على مسافة واحدة من دول المنطقة وقضاياها، لم تكن له يوما أي يد في الشؤون الداخلية لأي دولة، إنما كان دوما مساندا وداعما لوحدة الأراضي العربية وحماية حقوقها، وبقي في سياسته مع الدول العربية ثابتا لا يقوم على أي حدث أو سياسة مؤقتة.
لم يغب الأردن يوما عن المشهد العربي بأزماته واستقراره، بل كان دوما دولة أساسية في أي أحداث يشهدها العالم العربي، وكان ثقلا سياسيا حكيما، يعلو صوت العقل من خلاله والحكمة، وطالما كان قائدا رئيسيا في الأحداث كافة، وفق أسس أردنية باتت اليوم مدرسة سياسية مختلفة، تأخذ جانبا عبقريا في التعامل مع الأحداث ومع دول الإقليم والعالم العربي، الأمر الذي يجعلها دوما دولة قريبة من كل الدول ورئة تتنفس منها دول الإقليم، وملجأ كل باحث عن استقرار اقتصادي وسياسي واجتماعي وغير ذلك.
واليوم، يمكن لأي قراءة سياسية لما تشهده الساحة المحلية الأردنية من أحداث ولقاءات، ووفود رسمية أن يرى بوضوح أن السياسة الأردنية مع دول المنطقة هي المثال النموذجي للعلاقات العربية العربية، فطالما حرص الأردن على حماية حق الأشقاء، وعلى مصالحه الوطنية مع كافة الدول، وهو ما نشهده اليوم في العلاقات الأردنية السورية، وعودتها بشكل تدريجي لتعيد توثيق أوجه التعاون، كما تعيد لسوريا حضورها العربي والدولي من خلال الأردن.
وفي اللقاءات الأردنية السورية المتبادلة، والتي تتم اليوم على الأرض الأردنية والبحث المستمر لأهمية تعزيز علاقات التعاون والتنسيق في العديد من المجالات، بما يخدم مصالح البلدين المشتركة والشعبين الشقيقين، ما هي إلاّ رسالة أردنية للعالمين العربي والدولي بأن عمّان هي مدينة السلام في العالم، وأن الأرض الأردنية لا تعرف سوى احتضان المحبة، والمواقف الأردنية واضحة وثابتة بأنها مع السلام، وكما لم تكن لن تكون دوما يدا ممدوة إلاّ بالحب والسلام للجميع.
العلاقات الأردنية السورية التي تحظى اليوم بمساحة واسعة من الاهتمام، تميّزت دوما بعمقها وبأوجه تعاون واسعة على صعد كثيرة، اقتصادية وأمنية وسياسية وحتى اجتماعية، ويعتبر الأردن من بين دول عربية قليلة أبقت على علاقاتها واتصالاتها مع سوريا عقب اندلاع النزاع السوري العام 2011، وإن كانت في حدود ضيقة ومتواضعة، وحتما اليوم تريد سوريا أيضا الانفتاح على العالم من خلال بوابة الأردن بعد عزلة دامت أكثر من العقد، اضافة لجهود أردنية كان أحدثها احتضان لقاء رباعي ضم وزراء الطاقة في مصر وسوريا ولبنان الى جانب الأردن، وغيرها من طروحات أردنية دائمة لجعل سوريا تعود لمكانتها عربيا ودوليا.
وبطبيعة الحال يظهر جليّا، أن الأردن يعمل بشكل حثيث خلال الفترة الماضية على جعل الملفات العربية أولوية عالمية وليس فقط عربية، سواء كانت الخاصة بالعراق أو سوريا أو غيرها من الملفات التي طال أمد تأزّمها، متشبثا بثوابته التي يبتعد بها عن التدخل بالشأن الداخلي لأي دولة، ويحرص بها على السلام، ليكون عنوانا دائما لتعامله مع الآخر.
في كل مرة وحول كل القضايا تؤكد الدبلوماسية الأردنية بقيادة جلالة الملك أنها الأقدر على جعل قضايا وملفات المرحلة بعنوان واحد هو السلام، وحماية المصالح المشتركة ووحدة الصف العربي، وفتح اليد الأردنية لكل طالب للعون ولكل باحث عن السلام.