د. حسين العموش
لو طال عمر عمتي مزه رحمها الله وهي تراقب جدل الاردنيين ومواقع التواصل الاجتماعي وموقعة النواب لإضافة كلمة الاردنيات داخل دفتي الدستور سيكون لها رأي آخر.
ذلك انها ليست فقط منحازة للرجولة، فهي نهج حياتها، تمارس اعمال الرجال ضمن دور اجتماعي لم تقرأه في اي ادبيات ولا اطلعت عليه خلال ورشة عمل في فندق خمس نجوم.
عمتي مزه لم يؤرقها طلب المساواة يوما، فهي تقوم باعمال الرجال من ذاتها المنتجة، تصحو قبل صياح الديك، تسرح غنمها، وتحرث ارضها، وتنظف بيتها، وتعد طعاما لابنائها، تدللهم وتلعب معهم، وفي اخر الليل تتأكد من ان الاغطية محكمة على اجسادهم، تنام آخر من من ينام وتصحو اول من يصحو.
بالمفهوم الانتاجي والحياتي رجل بزي امرأه تعمل ثماني عشرة ساعة في اليوم، وفي الهزيع الاخير من الليل تصلي وترفع اكفها الى السماء وتطلب طلبها المعتاد: (الله يعدينا شر الظلام وعيال الحرام)، تدعي ربها ايضا ان يديم عليها هذه النعمة، لانها قانعة وراضية بما تقوم به من عمل، وبما تحياه من حياة.
لا يقلقها اضافة كلمة الاردنيات، أكثر ما يقلقها سطو الحصيني على دجاجاتها، لا تلتفت لمنظمات الانجي اوز،ولا يعنيها الورش التدريبية للبحث عن حقوق المرأة.
عمتي مزه رحمها الله، عاشت حياتها بالطول والعرض، مارست قناعاتها في الحياة، لم تنقل كلاما، لم تشبك بين الجارات، قدمت نموذجا من المرأة المنتجة التي تقدم العام على الخاص.
تقدم الارشاد الاسري لتلك المرأة التي تشتكي من زوجها، تذهب الى الزوج توبخه وتقول له: (هيه يا هبيله..مهي امانة عندك، وانت وابوك وجدك ربع ما يخونون الامانة) تختلي بالمرأة وتقول لها: (ما الك الا بيتك، سايريه والله ابو فلان يسوى قبيله).
مركز متقدم للإرشاد الاسري كانت، في التعليلة يطلبون رأيها في قصيدة، فتصحح لهم الابيات الشعرية، وتعيد على مسامع الجميع قصة ابو زيد الهلالي.
في الصباح تقدم لهم رأيها في الانتخابات البلدية، تنصح بفلان لأن خواله (زينين)، وحين ينجح لا يخذلها فيؤدي دوره كما توسمت.
عمتي مزه لو كانت على قيد الحياة لعاتبت الدغمي والعرموطي واندريه والرياطي، اظن انها ستعبر لهم عن رأيها بعبارة: (مو هيك) ثم توصل رسالتها وتمضي .
هنالك نماذج من عمتي في الرمثا والطفيلة والكرك والغور والعقبة، نبحث عن مزه اليوم فلا نجد غير (مزات) بضم الميم وتشديد الزاي، نبحث اليوم عن مزات ضعن في زحمة الحياة، ولن يعدن .