سهير جرادات
عيدت
ماذا ارادت الحكومة من قرارها الذي تُصر على أنه غير ( ارتجالي ) ، والمتضمن تمديد ساعات السماح بالخروج لغاية الساعة الحادية عشرة ليلا في آخر ليلتين قبل تنفيذ قرار حظر التجول الشامل ؟ .. وهل ( الارتجال ) كان مدروسا عندما قررت تحديد ساعة الصفر للإعلان عن قرارالتمديد في تمام الساعة الخامسة من بعد العصر ؟ منتهجة طريقة ( المباغتة ) لأصحاب المحلات التجارية ، وبالتالي عدم تمكنهم من ترتيب امورهم للاستمرار بالعمل حتى قبل منتصف الليل .. هذا فيما لو كان يراد من القرار تحريك السوق ؟؟!!.
اعتقد أن حالة الفوضى البشرية التي شهدها الأردن في مختلف محافظاته ومناطقه خلال يومي تمديد ساعات الخروج في ( وقفات العيد) ، وقبل ادخال حظر التجول الشامل لمدة ثلاثة أيام ، ما هي إلا تجربة حية لتنفيذ ( مناورة وبائية حية ) ، باستخدام الذخيرة البشرية الحية في حالة الرفض المجتمعي للالتزام بقيود الوباء ، والذي يعرف بحالة ( الانفلات الوبائي)؟؟!!..
أكدت لنا هذه المناورة ، أن المواطن الأردني منقسم إلى أربعة أقسام: الأول: القسم الأقل حظًا، ويمثل الفئة الواعية ، والثاني: الأوفر حظا، وهم الفئة غير المصدقة أصلا بوجود الوباء ، وتتصرف على سجيتها، وتحمل شعار ” الحامي الله ” ، والقسم الثالث: الذين فقدوا الثقة بالحكومة واجراءاتها ، وفئة جديدة: ( ملت ويئست ) ، وانتهجت مبدأ ” ميت ميتيابالكورونا يا من الجوع “.
عادة تهدف المناورات الحية في حالة السلم لا الحرب ؛ إلى تطوير الأداء وتعزيز المهارات الميدانية ، لمواجهة أي طارئ ، كما أنها تجيب عن فرضية : ماذا لو ؟! ، المعمول بها منذ منتصف القرن الماضي ، بموجب ” قانون مورفي” ، نسبة إلى المهندس إدوارد مورفي ، العامل في قاعدة إدواردز الجوية في الولايات المتحدة القائم على :” احتمال حدوث خطأما فسوف يحدث” ، وهو قانون يطبقه راسمو الخطط الإستراتيجية وإدارة الأزمات ..
واضح أن حكومتنا التي تستعد ( بعد العيد ) للتعديل الخامس ، بدت قراراتها ( الكورونية ) مهزوزة ومتخبطة ، ومترنحة بين المدروسة وغيرالمدروسة ، والاضطرارية والارتجالية ، وتتأرجح بين الخلل اللوجستي والخلافات التي طفت على السطح بين الحكومة ممثلة بوزير الصحة وبين لجنة الاوبئة ، التي شهدت حالات استقالات لخلاف في الرأي حول قرارالاغلاق أو الانفتاح ، ولتمسك الحكومة برأيها الانفتاحي ، طلبت من أعضاء اللجنة المعارضين لوجهة نظرها تقديم استقالاتهم ، وكان لها ذلك..
ماذا لو ؟!.. وصل المواطن إلى درجة ( فقعت معه ) وخرج ولم يطبق التعليمات ، ورفض الأوامر وتعنت برأيه !! .. وعطل العقل والمنطق ، وقررأن يموت بالكورونا ولا يموت من الجوع ، ونزل إلى الشارع ، واحدث إرباكا في الشارع الموبوء ، ما الاحتمالات المطروحة لضبط الانفلات الوبائي المحلي ؟!..
ماذا لو ! فرضيات تدور في ذهن المواطن ، وعليه أن يطرحها أمام أصحاب المشورة ، أو راسمي الإستراتيجيات .. وهم عليهم البحث عن الإجابات .. هل أدركتم خطورة المرحلة الحالية ، وتداعياتها الاقتصادية والنفسية على المواطن ؟!..وهل عملتم على قياس ردود الافعال المتوقعة ، وتوصلتم الى لحلول الواجب اتباعها ؟ هل درستم الاحتمالات الواردة وردود الافعال المحتملة في حال استمر هذا الوضع الاستثنائي مع انتشار هذا الوباء ؟ هل رصدتم مقدار قدرة تحمل المواطن ، وكم من الوقت بقي لديه لتفلت الامور، و”يركب راسه” ..
المحصلة : شكلها عيدت .. أو قربنا نعيد ، وكل واحد يركب راسه!!!!!!!!