أ. سعيد ذياب سليم
” عيد العشاق “
في ليلة عيد العشاق من العام الماض ، قررت أن أقدم لزوجتي باقة من الزهور ، رمزا للحب وعرفانا بما تبذله من جهد في تحمل
عثرات درب الحياة الذي نسير فيه منذ أكثر من عشرين سنة ، في طريق عودتي إلى البيت قصدت محل الزهور في حينا الشعبي،
وجدته مزدحما شبانا و شابات فتيانا و فتيات أزواجا و فرادى ، دخلت في وقار من يدخل بيتا للعبادة، نظر البائع باتجاهي، رجل في
الخمسين وخط الشيب سالفيه و ما تبقى من شعر رأسه ، وقفت مترددا في آخر الطابور.
– كيف أخدمك ” حجي ” ؟
طلبت باقة ورد جوري حمراء على أن تكون ذات عدد فردي لأن البعض يتشاءم من العدد الزوجي ، تحتوي على ورود بيضاء و
صفراء لتكتمل الرسالة بين حب و طهر و احترام فللزهور لغة خاصة ، كان الطلب كبيرا على الورود ، كاد أن ينفق المحل بضاعته
خاصة الحمراء منها قد بيعت بضعف ثمنها ذلك اليوم.
خرجت باتجاه البيت محتضنا باقتي، كان البعض خارجا من المكتبة المقابلة ، حاملا هدايا مختلفة الشكل ، دببة صغيرة ، ورود
بلاستيكية، ملفوفة بورق هدايا مزركش بكلمات حب مختلفة و قلوب وردية صغيرة ، والبعض خارج من محلات بيع الشوكولا ، كنا
نسير باتجاهات مختلفة لوقع خطواتنا صوت الفرح.
من الجميل أن تشترك الإنسانية جمعاء بمناسبة خاصة للحب تحمل معاني الفرح على ما فيها من تناقضات ، في مدن كثيرة في الغرب
والشرق يسيرون معك يحملون هداياهم تحملهم فرحة اللقاء بمن يحبون.
– ما قصة عيد العشاق هذا ؟
في أثينا القديمة كان الناس يحتفلون بالزواج المقدس بين زيوس و هيرا خلال شهر “جامليون” بين منتصفي كانون ثاني و شباط ،
ولك أن تتخيل الاحتفال بإله وثني لم يثنيه زواجه بـ”هيرا” على الاستمرار بمغامراته العاطفية ،فلم تسلم منه فتاة من البشر أو الآلهة.
أما “لوبركايلي” في روما القديمة فكان احتفالا بالخصوبة بين يومي الثالث عشر و الخامس عشر من شهر شباط، يخرج خدام
المعبد إلى الشوارع والحقول حاملين قطعا من جلد أضاحيهم ملطخة بالدم ، يضربون بها الفتيات و النساء التي تصطف بسعادة لتلقي
هذه الضربات حاملة لهم الوعد بالخصوبة ، ثم يتهافت الشباب على اختيار إحدى اللفائف من وعاء خاص مكتوب عليها أسماء
صديقاتهم للاحتفال بالعيد ، نحمد الله أننا تجاوزنا هذه المرحلة وأصبح عيد العشاق أكثر إنسانية يحمل معان رومانسية هو يوم
“فالنتين” الذي ورد حوله أكثر من أسطورة في التاريخ تحمل معاني التضحية والحب.
يجتهد كثيرون في تحديد أصول العيد و ترجيح إحدى الروايات على الأخرى ، وقد تبنت المجتمعات البشرية تواريخ مختلفة للاحتفال
بالحب والصداقة حول العالم ، ما زلنا نحتفل فيه بخفر وحياء في عالمنا العربي حيث يعتبره البعض خروجا على العادات لتقليد هذه
الفكرة الغربية ، إلا أنه يكشف طبيعة الإنسان الاجتماعية وحاجته للحب والفرح.
يبقى الرابع عشر من شباط مناسبة تجارية في المقام الأول ، يستغلها الباعة و يتفننون فيها بعرض بضاعتهم حمراء اللون ، تقدر
قيمة المبيعات من الورود وبطاقات المعايدة والشوكولا عالميا بملايين الدولارات ذلك اليوم .
قل لي إذن كيف ستحتفل هذا العام ؟