د. علي أحمد العبدي
غابة عجلون تحترق
تمتاز محافظة عجلون بغاباتها وأشجارها ونباتاتها البريّة والطبيّة التي تغطي المكان من شماله إلى جنوبه، هذه الأشجار بأشكالها وألوانها أعطت منظراً جذاباً لا يُنسى.. فالزائر إلى محافظة عجلون يرى جمالاً يفوق الجمال، فالمياه الجارية في وادي الطواحين، والينابيع الكثيرة التي تغذي وادي الطواحين، وأشجار الصنوبر واللزاب، والزيتون المبارك، وأشجار الملول كلها تسبّح الله تعالى.
أمس واليوم راعني ما رأيت في وادي الطواحين، فالنيران تلتهم الأشجار التي وقفت تطاول السّحاب فتشدو وتسبّح الله، فتسبّح معها الطيور ومخلوقات الله تعالى، حتى الطيور التي تنتقل من غصن لآخر بدت جذلى، وبدأ إخواننا من رجال الدفاع المدني مسرعين، منهمكين رغبة منهم في إطفاء الحريق.. ولكن كيف، والمنطقة فيها من التضاريس الصعبة والمعيقات الكثيرة.. ومع ذلك يحاولون جهدهم …
من الذي أشعل غابة تسبّح الله!!! من الذي أراد أن تكون جبالنا بلباسها الأخضر جرداء لا قيمة لها!! حتى هذه الغابة نحن محسودون عليها..
من غير المعقول أن لا يكون الحريق بفعل فاعل .. فهناك مجرم ارتكب عملاً شنيعاً نهايته همّ وألم وشحٌّ في المياه.. فالأشجار رئتنا التي منها نتنفس ، الأشجار هي جنتنا التي نحبُّ، فكيف نعيد غرسها، وكيف نعيد الجمال ، وكيف ….
تتكرر جريمة الحريق مرّة بعد مرّة، ولا ندري هل ألقي القبض على المجرم، هل عوقب المجرم.. والله لو دفع مال الدنيا ما عوضنا هذا الجمال، وهذه الدفقات من النسيم العليل .. متى نصحو، متى تتغيّر ثقافتنا إلى غاباتنا التي تظللنا وتجعل حياتنا جنّة، متى ننظر إلى جبالنا وقد غدت جنّة !!
في كفرنجة غابة زرعت بالأشجار ونسبت إلى قواتنا المسلحة، انظر إليها لن تجد شجرة واحدة، أين ذهبت أشجارها.. أين ذهب ذلك الجمال الذي كان يوما!! أن نزرع وندير ظهورنا هذه جريمة، أن نزرع ونسقي ونعتني بكل شجرة كأنّها ابنة أو عمّة أو أخت، هذا هو المطلوب !!
والسؤال الكبير: أين الطوافون موظفو الحراج الذين أوكلت إليهم مهمة حماية الغابة؟ أين منصات مشاهدة الغابة وما فيها، أين مكبرات الرؤية الليلية فوق البنفسجية.. يا خوفي من نهاية المطاف …!!!!
في كتاب الله تعالى إشارات واضحة إلى الأشجار ودعوات للتأمل والتدبّر “ وأنزلنا من السماء ماء ثجاجا، لنخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا، إنّ يوم الفصل كان ميقاتا“ وقال تعالى:“ وزروع ونخل طلعها هضيم“ وقال الله تعالى:“ أخرج منها ماءها ومرعاها، والجبال أرساها، متاعاً لكم ولأنعامكم“
إخواني وأخواتي، بإمكاننا أن نجعل بلادنا جنّة، وذلك من خلال أن نزرع ولا نقطع ، من خلال المحافظة على كل غصن، من خلال رعاية كل شجرة ، فهل نستطيع!!!!!!!!!!!!!!!!!!