محمد حسين فريحات
غزة خُذلت وتُركت لتلاقي مصيرها من الإبادة والقتل والتهجير والتجويع والترويع والاغتصاب والنهب من قبل كيانٍ عنصوريٍ، وجيشٍ لا يؤمن الا بالقتل منهجا، ولا يتمتع بخلاقيات الحرب المتفق عليها شرعاًّ، وعُرفاً، وقانوناً، والتي تلتزم الجيوش الأخلاقية والإنسانية بها لحماية المدنيين العُزل، والإستهداف الممنهج للبنى التحتية التي تُسهل سُبل الحياة والعيش للمواطنين في القطاع من ماءٍ وكهرباءٍ ومساكن وشوارع ومدارس ومستشفيات ودورٍ العبادة…. ما هو إلا حقدٌ يرتبط بعقيدة هؤلاء اليهود الصهاينة، وما جرى ويجري في القطاع هو القضاء على كل ما من شأنه تأمين سبل العيش للمواطنين، وبمشاركةٍ ودعمٍ مطلقٍ من الإدارة الأمريكية، وصمتٍ من الانظمة العربية المتخاذلة، واستهداف البشر والحجر والأرض والعرض والحيوان ما هو إلا دلالة واضحة على عنصرية وهمجية وحثالة الكيان المحتل.
قادت هذا الكيان الإسرائيلي الغاصب يتباهون بالجرائم المروعة، ويتلذذون بتجويع وتهجير أبناء قطاع غزة، ويعتدون على المدنيين الذين ينتظرون الحصول على المساعدات الانسانية، ويتحدون المجتمع الدولي ابتدأً بهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وانتهاءً بمحكمة العدل الدولية، وبدعم الفيتو الأمريكي، ونسيت الإدارة الأمريكية أن هذا الكيان محتلٌ بالقانون الدولي، ولا زالت تسوق شريعته، وتركز على حقه في الدفاع عن نفسه ، ونسيت ان القانون الدولي التي أنشأته قوى الإستكبار بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يركز على حق المحتلين بأستعادة أراضيهم المغتصبة، والدفاع عن حقوقهم المشروعة ورفض الإحتلال القائم بالقوة العسكرية والجبرية.
وما يؤسف له أن النداءات الصادقة من بعض الأنظمة الحرة والتي سجلت موقفا مشرفا أمام نفسها واخلاقياتها وشعوبها، بطرد سفراء دولة الاحتلال احتجاجا على المجازر المروعة مثل البرازيل، وكولومبيا، وتشيلي، وهذا الفعل السياسي لم تفعله دولا عربية ومسلمة، والمؤسسات الحقوقية الدولية بما فيها الأمم المتحدة التي مارست وتمارس سلطتها في ردع الدول عن ظلمها، ونفذت قرارات إلزامية بحق بعض الدول ورؤسائها ومسؤوليها ارتكبوا جرائم أقل بكثير مما أُرتُكب من قبل الإحتلال، وفرضت عليها عقوبات اقتصادية وجُمدت أرصدتها في كل أوروبا ومثال ذلك روسيا بسبب حربها على اوكرانيا لا بل سعت أوروبا باستخدام أرصدتها، والتي تقدر بمليارات الدولارات لدفع تكاليف إعادة إعمار أوكرانيا، وعجزت عن ردع هذا الكيان العنصري بحربه النازية على القطاع، ولم تستطع فرض اي عقوبة عليه، ووقف إطلاق النار لحماية المدنيين وصولاً إلى صفقةٍ لتبادل الأسرى، والتي أودت بحياة الآلاف من الشهداء والجرحى والمفقودين، ودمار شامل للبنية التحتية للقطاع وتهجير (1,7)مليون لاجئ يعانون ويلات الحرب والجوع والمرض والبرد، ويستغيثون بالانظمة العربية ولا مغيث، ولقد أسمعت لو ناديت حياً ، ولكن لا حياة لمن تنادي.
من الواضح أن حركة المقاومة الإسلامية حماس والمقاومة في قطاع غزة استعدت لهذة المعركة، عسكرياً وسياسياً وامنياً، وهيأت كافة الظروف للإستمرار، بنت شبكة الانفاق والتي تقدر بمئات كيلومترات، وصنعت الأسلحة من صواريخ وبنادق وعتاد وغيرها من المستلزمات العسكرية وخططت لمواجهة طويلة، قامت بجهد لم تستطع أنظمة عربية لديها إمكانات هائلة مقارنة بحركة تمتلك مقدرات بسيطة، واستطعت أن تصمد خمسة أشهر متتالية من الحرب الشرسة على القطاع، في حين أن اربعة أنظمة العربية لم تستطع الصمود سوى ستة أيام حُسمت المعركة لصالح الكيان الغاصب.
العار والشنار لهذه الانظمة التي استكانت للحفاظ على سلطاتها، ولم تعلم بان ثبات عُروشها بقدر إرتباطها بشعوبها، وان هذا الاحتلال وحلفائه هزيموا ومُرخت أنوفهم من قبل المقاومة الباسلة في غزة…
الكاتب: محمد حسين فريحات