محمد حسين فريحات
المقاومة اليوم وبعد مرور ما يزيد عن خمسة أشهر من المقاومة والصمود الإسطوري، وأمام آلة الحرب الأمريكية،وهمجية وبربرية الكيان الغاصب ، تعرت الأنظمة من مبادئها واخلاقياتها، فُضحت المواقف العالمية العربية، وكُشفالقناع عما يسمى مؤسسات المجتمع الدولي بمختلف أشكالها وأنواعها، والداعمة للحقوق والحرياتالعامة،وتمكين المرأة، وحقوق الطفل، مقابل ما يحدث من مجازر وجرائم تطهير عرقي في قطاع غزة وعلى مرأىومسمع العالم.
ويعلم العالم بأن حركة المقاومة الإسلامية حماس وحلفائها من المقاومة الداخلية والخارجية في مواجهة المحورالصهيوصليبي، والمحور العربي الصامت، والصمت مشاركة في الجرائم التي تُرتكب بحق قطاع غزة وفلسطين، ومايُؤسف له أن بعض الأنظمة العربية تخلت عن أضعف الإيمان بالكلمة، وبعضها قدم المساعدات المدفوعة،للمساهمة في إستمرار بربرية الكيان الإسرائيلي والتجويع الممنهج للقطاع، وتاجر البعض بدماء أهل غزة الصامدونرغم الحصار الظالم من قبل القاصي والداني والعدو والصديق، وقوله صل الله عليه وسلم:(إذا لم تستحِ فصنع ماشئت).
ومعركة طوفان الأقصى شكلت منعطفاً تاريخياً في الصراع العربي الإسلامي مع اليهودية والمسيحية الغربية، ونقطةفارقة غير مسبوقة في تاريخ الصراع منذ عام (1948) الا بعض الانتصارات لبعض الدول العربيّة، وبعضها وهمية.
وجاءت نتائج المعركة بحسب الخبراء والمحللون لصالح محور المقاومة ، المتمثلة في حركة المقاومة الإسلاميةحماس وحلفائها المدافعين عن القضية الفلسطينية والقدس الشريف، رغم الدمار الشامل والمجازر وجرائم الإبادةالجماعية التي أُرتُكبت كردة فعلٍ للكيان الغاصب على معركة السابع من أكتوبر، والتي شكلت صدمة عسكريةً وأمنيةًوسياسيةً للإحتلال وقوى الاستكبار العالمي (امريكا، وأوروبا) وحلفائهم من العرب والعجم، مما دفع الولاياتالمتحدة الأمريكية للتدخل العسكري المباشر لإدارة المعركة بعد كسر ذراعها الطولى اليهود، ودعمها المطلق بمدجسر جوي وبري وبحري للإحتلال، وتوظيف كافة الإمكانيات التقنية واللوجستية لهذا الكيان الغاصب والعنصري،وترميم ما كُسر من هيبة هذا الجيش الذي لا يقهر، وهددت وتوعدت من أي تدخُل عربي أو إسلامي لتوسيع نطاقالصراع والمعركة خارج القطاع.
كشفت هذه المعركة جزءاً من مخططات وأهداف الصهيوأمريكية بالاتفاق بالإجماع على تهجير أبناء قطاع غزةوالضفة الغربية، ويزعم مراقبون بأن البنية التحتية لهذا التهجير جاهزة، وان مصطلح حل الدولتين أصبح منالماضي ومعدوم الفاعلية، وذلك بتصريحات الكيان الحكومية الرسمية وأعضاء الكنيست.
وخلاصة القول بأن المبادئ والقيم الإنسانية والأخلاقية لأمريكا وأوروبا والعالم المتحضر سقطت أمام مشاركتهاالمباشرة في جرائم الاحتلال المروعة، والتي أدت إلى استشهاد 29 ألف شخص و 68 ألف جريح 10 آلاف مفقود،ودمار شامل للمساكن والبنية التحتية، ومع كل هذه الجرائم المرتكبة من قبل الإحتلال الإسرائيلي والتجويعالممنهج، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية استخدمت حق النقض الفيتو ثلاث مرات متتالية دلالة على موافقتها علىاستمرار الحرب ودعمها الكامل والمطلق للإجرام الإسرائيلي، وبذلك الصورة الحضارية لها انكسرت أمام العالم،
والإدارة الأمريكية مصرةً على عدم وقف إطلاق النار، ويدعون بأنهم مع مفاوضات تفضي إلى وقف مؤقت لإطلاق الناروصفقة تبادل لتحرير الأسرى، وزيادة المساعدات الإنسانية والصحية لأبناء القطاع والتي بحسب المراقبين انعدمت ،وهناك ما يشير إلى وجود مجاعةً حقيقيةً في القطاع المحاصر جواً وبراً وبحراً، لأكثر من 2,3 مليون شخص، والسعيالجاد لتحقيق هدف الصهيو أمريكي وحلفاؤه بتهجير ابناء القطاع والضفة وسلب كافة حقوقهم الأساسية والاستيلاءعلى اراضيهم، والقضاء على حركة المقاومة الإسلامية حماس، والتي بحسب محللون الإسرائيليين هدف القضاء علىحماس اصبح بعيد المنال.
والحقيقة المُرة ان الانظمة العربيّة لم تقدم شيئا للمقاومة، لا بل وقفت صامتة مما يجري من جرائم مروعة فيالقطاع وفلسطين، حتى انها عجزت عن إدخال المواد الاساسية والإغاثية والمستلزمات الصحية للمستشفيات والتياخراجها الاحتلال الغاشم عن الخدمة، ولم يبقى مكاناً آمناً في غزة بحسب تصريحات الامم المتحدة.
المطلوب اليوم من العالم العربي الوقوف الى جانب المقاومة، ودعمها بالمال والسلاح لمواجهة همجية وبربريةالاحتلال، ودفاعا عن الامة العربيّة والإسلامية، إذا كانت جادة بالخلاص من الإحتلال، والمقاومة اليوم تقف نيابة عنالامة للدفاع عن فلسطين والمقدسات الإسلامية في القدس، وإعادة احياء القضية الفلسطينية الى الواجة عربياوعالميا، والتي أعتقد الإحتلال بأنها حُذفت من ذاكرة الشعوب، وعاشت فلسطين حرة عربية إسلامية.