عدنان نصار
إنجاز-عندما تصل الأمور إلى هذا الحد ، الذي تطرح فيه التساؤلات عن الإنحياز الأمريكي لجرائم حرب الابادة الصهيونية ، في قطاع غزة ..يوازي ذلك أسئلة مماثلة عن انسانية أمريكا التي ظهرت بشكل مفاجيء ، وقامت بإنزال مساعدات غذائية على أبناء غزة ، في وقت تمارس فيه الإدارة الأمريكية العدائية المفرطة بشراكتها المعلنة مع جرائم الابادة الجماعية الصهيونية..ناهيك عن وقوفها السياسي مع الإحتلال وما رافق ذلك من دعم بلا حدود ، وأكثر من “فيتو” بتوقيع امريكي ضد مشاريع وقف العدوان الهمجي الاسرائيلي على قطاع غزة ..”عداء وغذاء” لا يلتقيان .!!
الإنزال الجوي الأمريكي للمساعدات ، هو اشبه بالمثل العربي الشائع :”بقتل القتيل وبمشي بجنازته” ..، وهو موقف امريكي بمنتهى السماجة السياسية ، الذي أضر عمليا وسياسيا بسمعة أمريكا ، وربما ادخلها البعض في دائرة الغباء السياسي المنقاد للصهيونية ، أو بالخبث السياسي الذي ينسحب عليه مثل :”بقتل القتيل…” .
التساؤلات المطروحة ، حملت صراحة عيوبا سياسية وادارية جسيمة، اصابت الإدارة السياسية الأمريكية ، ووضعتها في دائرة لا تليق مطلقا بإصطلاح الدول العظمى..ولا تستند إلى رصيد سياسي عالمي يؤهلها عمليا لان تكون “راعية العدالة او تحمل صولجان السلام” كونها دولة عظمى غير قادرة على كبح جماح رئيس وزراء ارعن “بنيامين نتنياهو ” الذي يقود دولة الاحتلال بلغة الدم والبارود على أهلها الشرعيين.
الإنزال الجوي الأمريكي للمساعدات الغذائية ، يعني سياسيا ان هناك اخطاء سياسية بالغة الخطورة ترتكبها الإدارة الأمريكية ، وتضعها في صفوف الدول (المغلوب على امرها) وهي اخطاء تراها الإدارة الأمريكية بوضوح ، وهذا عيب اضافي في السياسة يستند إلى:”بتعرف وبتحرف” ولا تمتلك الجرأة الاخلاقية والسياسية لأن تبعد عن نفسها تهمة “التواطؤ” ، الا عبر وسائل لا يمكن وصفها الا بالغباء ، لتمرير انسانيتها عبر مواد غذائية مغلفة بالعدائية بشكل صارخ .
كان يمكن لأمريكا لو أرادت حقا ، ان تذهب بإتجاه معبر رفح ، وتدفع لفتح المعبر ،وادخال شاحنات المساعدات المكدسة هناك ، وتمرير المساعدات عبر المعبر ..غير أن الادارة السياسية الأمريكية تلتقي مع إدارة الاحتلال لتضييق الخناق على أبناء غزة ضمن عنوان :(الوجع والجوع) كما هو حال :(الغذاء والعداء)..
غزة ، بكل أنفتها ، وعزتها ، وكرامة ترابها لا تستجدي الجلاد الذي بعين الاحتلال على استباحة الأرض والعباد ..وغزة التي تقف بين يدي الله ، معلنة أكبر واقدس فرض في العبادة (الجهاد) لا تستجد الجلاد ..فلو أرادت أمريكا ، نقول لو ارادت لأوقفت أبشع وأكبر مجزرة في التاريخ المعاصر ، وعادت إلى رشدها السياسي ، وترجمت على أرض الواقع قوتها من أجل الحق ، ووظفت ارادتها من أجل السلام ..لو أرادت فعلا ، لما سال كل هذا الدم على عتبات غزة .!!
أميركا ، الدولة العظمى..!! تضع نفسها في موقع كما اسلفتا، لا يليق “بالكبار”..،ممن يصنعون على مستوى الجغرافيا الأممية القرار ..نفهم ان تمد دول عربية وايضا غربية يد العون بأسم الإنسانية و”الأخوة” ..نفهم ونقدر امكانات تلك الدول ..،لكن عند امريكا فالأمر مختلف تماما فهي تمازج بعملية الإنزال بين “الوجع والجوع” تماما كما هو الحال في المنازجة بين “الغذاء والعداء ” ..فأي سياسة تلك التي تمازج بين القهر الإنساني والعهر السياسي” ..أي ساسة “كبار” يقودون دول “عظمى” ، يقدمون على هذا الفعل غير الأغبياء او الماكرين .؟!
كاتب وصحفي اردني..