محمد اكرم خصاونه
غيوم
تتكاثر على الأمة أهوال ومصائب جمة في زمن تبلدت فيه المشاعر والأحاسيس وأنقلب حال البشر من عنف إلى وحشية لا ترحم، فلا تجد يوما يمر إلا وحمل بين ثناياه أخبار يشيب لها الولدان.
حروب طاحنة تحصد أرواحا بريئة غضة لا حول لها ولا قوة في ما يجري ، طائرات تقصف ، مدافع تدك ، قناصة يصطادون المارة في الشوارع والأزقة، عصابات تنثر السموم بين الأبرياء .
يا لهذه القسوة، يا لهذا العبث والإستهتار بالنفوس البريئة، يا لجشع اصحاب النفوس النهمة والشرهة لهذا الإجرام!! .
لقد حبا الله البشرية فضلا وكرما وعطاء لا ينضب من الخيرات ومن الطمأنينة ، ولكن بعض من بني البشر ، أسأوا للحياة أسأوا للكون ، للبلاد ، للعباد ، بما لوثها من شرور ، تحمل بصمات ، لنفوس تخلت عن إنسانيتها ، وأتخذت من البهيمية نهجا وطريقا تسلكه ، حتى أصبح العيش بينهم يحتاج ألى قدرة وصبر وتحمل يفوق قدرة بني البشر من شدة المعاناة .
يطوف بخاطري زمن جميل ارتحل حين كنا نحس أن أبناء البلدة الواحدة يد واحدة، فرحهم فرح الجميع ، مصابهم ألم الكل ، لا حقد لا غش لا طعن بالظهر وأن غاب عنهم الجار والصديق والقريب والغريب.
التسامح منهج سار عليه الأجداد والطيبة طريق ممهد مشى عليه الأحفاد ، وجاءت من بعدهم أجيال ، بددت كل جميل وأضاعت كل فضيل.
يالهف نفسي من حالنا ، يا لوجع القلب لمآلنا، يا لبؤس واقعنا،، كيف أضحى طريقنا، مليئا بالعثرات، تكتنفه المشقة والصعوبات.
حين منح الله سبحانه الحياة جعل فيها كل ما يسر وجعل فيها كل ما يبهج من متع جميلة طبيعية أشجار أنهار جبال ، ربيع يزين الكون تلالأ وضياءا ، ولكن قسوة النفوس بدلت الجمال قبحا ، والمودة بغضا،حتى غدا المنظر معتما تتلبد فيه الغيوم ، وتضلله الفرقة ، وتشوبه الظنون.
الحياة عطاء الله والخير فضل الله والرزق نعمة الله، فلماذا نحاول سلب عطاء الله ؟
أملي بك يا الله ان تنقشع غيوم الفرقة ويحل الوئام محل الخصام ، وأن تكون اليد ممدودة للغير بكل محبة وطيب وتسامح بين أبناء الوطن الواحد ، الوطن الكبير.