أ. سعيد ذياب سليم
منذ أيام تسارعت دول أوروبية و شرق أوسطية ثم تبعتها الوليات المتحدة الأمريكية و غيرها من دول العالم في سحب أدوية للضغط ملوثة بمادة يُخشى أن تكون مسرطنة، يُعدّ المركب الرئيسي في تلك الأدوية هو مادة الفالسارتان “Valsartan” والذي يساعد في خفض ضغط الدم و علاج قصور القلب و الجلطات الحديثة والحد من مضاعفاتها.
والسبب أن الشركة الصينية “زجيانغ هوهاي Zhejiang Huahai ” الصيدلانية المورّدة لمادة الفالسارتان غيرت من طريقة تحضير هذه المادة فنتج عن ذلك شوائب على شكل مركب N-nitrosodimethylamine ( (NDMA وهي مادة كيميائية عضوية سامة للكبد و الكلى والجهاز التنفسي في الإنسان .
وتستخدم في إصابة فئران المختبر بالسرطان لأغراض البحث كما تستخدم في صناعة الوقود السائل للصواريخ و المبيدات الحشرية ومطاط العجلات، و قد استخدم في ارتكاب جرائم قتل في عدة حوادث في العالم، هذه المادة ناتج ثانوي يرافق عملية التصنيع للمركبات الصيدلانية والكيماوية بكميات قليلة التركيز، و قد يوجد في اللحوم و الأسماك المعالجة للحفظ عن طريق التدخين أو التجفيف أو التمليح بالإضافة للتبغ في السجائر.
هي الصين إذا بلد المعجزات والتي تحرّك عصاها السحرية لتنتج منتجات رخيصة الثمن يتهافت على اقتنائها الناس في الدول شرقا و غربا ! كنا نظن أن رخص اليد العاملة هو السبب الرئيسي لرخص المنتجات الصينية لكن يبدو أن هناك عوامل أخرى كأن تبتكر طرقا للتصنيع قليلة التكلفة وتتبع فيها شروطا للسلامة والمقاييس قد تكون معرضة للتساؤل في دول العالم المتقدم.
كيف بدأت المشكلة ؟ اكتشفت الشركة الصينية زجيانغ هوهاي الشوائب في منتوجها من الفالسارتان، بعد استحداث طريقة جديدة لإنتاجه، فقامت بتعليق تصنيعه و إيقاف توزيعه على الأسواق و قامت بتبليغ عملائها والوكالات الدوائية المنظمة عن اكتشافها هذا، لتقوم هذه الوكالات بإصدار أوامر سحب للأدوية التي صنعتها شركات محلية بالاعتماد على منتوج شركة زجيانغ هوهاي الصينية ، خوفا من تعرض المريض لخطر الإصابة بالسرطان على المدى البعيد.
لكن الأدوية المصنعة والخالية من الشوائب والمعتمدة على مورّد آخر مثل شركة نوفارتيس السويسرية بقيت متداولة في الأسواق ليتجه مرضى الضغط إليها –وهي ذات سعر أعلى- بعد ترك تناولهم للأدوية الملوثة والتي يمتد استخدامهم لها منذ سنوات، يذكر أن شركة نوفارتيس السويسرية هي المصنعة لمركب الفالسارتان و صاحبة العطاء حتى سنة 2012 ثم قامت شركات صيدلانية أخرى بتصنيعه.
في صفحتها على الإنترنت تتحدث الشركة الصينية “زجيانغ هوهاي” عن نشأتها سنة 1989 م ،و تسجيلها في بورصة شنغهاي الصينية سنة 2003 ، وعن كونها من أوائل الشركات الصينية التي حازت على موافقة الإدارة الأمريكية للدواء و الغذاء FDA ، لها عدة أفرع موزعة عبر العالم، ولها حصة كبيرة في السوق المحلي الصيني و العالمي، في بداية هذا الشهر بيع سهمها بمبلغ 27.23 يوان لينحدر في 9/7/2018م إلى 20.54 يوان ويعاود ارتفاعه في 17/7/2018 إلى 22.53 يوان –المعلومات من أسواق البورصة العالمية.
ونحن في الأردن قامت وزارة الصحة بإصدار قرار بسحب الأدوية التي يدخل في تركيبها الفالسارتان الذي تنتجه شركة “زجيانغ هوهاي” من السوق ومن المراكز الصحية المختلفة منذ الأيام الأولى للمشكلة، حرصا على سلامة المرضى وتوافقا مع ما أصدرته دوائر الرقابة الدوائية الأوروبية و العالمية.
يحق لنا أن نتساءل : هل يعدّ ما قامت به الشركة الصينية نوعا من التضليل لعملائها حول العالم؟ وهل ما قامت به يعرضّها للملاحقة القانونية؟ أم هي حلقة أخرى في الصراع بين العمالقة والجمهور هم المرضى؟ أ.سعيد ذياب سليم