ينال البرماوي
بإطلاق رؤية التحديث الاقتصادي المنبثقة عن مخرجات ورشة العمل الاقتصادية الوطنية التي عقدت في الديوان الملكي المنتظر اليوم الاثنين برعاية جلالة الملك عبدالله الثاني يكون الأردن أمام فرص غير مسبوقة لتطوير اقتصاده وزيادة قدرته على تلبية احتياجاته التنموية والحد من مشكلتي الفقر والبطالة والخروج من عنق الزجاجة وحالة التباطؤ التي يعانيها الاقتصاد الوطني منذ سنوات طويلة وانخفاض النمو نتاجا للأوضاع الصعبة محليا واقليميا ودوليا .
هذا العام حفل بحراك نشط على أكثر من صعيد لتحسين الاقتصاد الأردني وبدت الجهود المكثفة واضحة من خلال الشراكات التي تم الاعلان عنها مؤخرا وتحسن قرآءة المؤسسات الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين وغيرها للمشهد الاقتصادي بشكل عام وبدء مرحلة التعافي الحقيقي من جائحة كورونا وتداعياتها.
أكثر ما يميز تلك القراءة أن الثقة بالاقتصاد الأردني باتت على درجة أعلى بكثير من السنوات الماضية حيث تعززت قدرته على امتصاص الاثار الناتجة عن المستجدات والعوامل الطارئة على الساحة الدولية بشكل عام .
وكمؤشر على ذلك فان الأردن وبتصنيف تلك المؤسسات وغيرها من أكثر البلدان التي استطاعت تجنيب أمنها الغذائي الانعكاسات المباشرة للجائحة والأزمة الروسية الأوكرانية الى جانب الخطط التي يجري تنفيذها لتعزيز هذا الجانب لحساسيته وتأثره السريع بالظروف الطارئة والاحتفاط باحتياطي مريح من العملات الأجنبية بلغ 18 مليار دولار. الرؤية الاقتصادية بحسب ما أعلن تأتي في سياق التحديث الشامل للمسارات السياسية والاقتصادية والإدارية وهي بمثابة خارطة محكمة للسنوات المقبلة تضمن إطلاق الإمكانات لتحقيق النمو الشامل المستدام الذي يكفل مضاعفة فرص العمل المتاحة لأبناء الوطن وبناته وتوسيع الطبقة الوسطى ورفع مستوى المعيشة لضمان نوعية حياة أفضل للمواطنين. وفي ذات السياق و خلال أقل من أسبوع شهدنا حدثين في غاية الأهمية الأول مبادرة الشراكة التكاملية الصناعية بين الأردن والامارات ومصر والاعلان عن صندوق لدعمها بمقدار 10 مليارات دولار مخصصة من الجانب الاماراتي والثاني الاجتماع الـ14 لمجلس الشراكة بين الأردن والاتحاد الأوروبي الذي انعقد في منطقة البحر الميت وتخلله الاعلان عن صندوق استثماري لدعم الأردن .
وسبق ذلك اعلان الأردن والعراق عن بدء الخطوات التنفيذية لانجاز مشروع المدينة الاقتصادية المشتركة المتفق على اقامتها في المناطق الحدودية بين البلدين حيث تم تخصيص مساحات الأراضي اللازمة من قبل الجانبين .والمنظور أن يسهم المشروع باحداث التنمية اللازمة لكلا البلدين .
وسبق ذلك نجاح المراجعة الرابعة التي قام بها صندوق النقد الدولي لأداء الاقتصاد الوطني بتأكيدات مسؤولي الصندق إن نظام الإصلاح المالي في الأردن يسير بشكل صحيح و أن الأردن اجتاز التحديات الاقتصادية المتعلقة بجائحة كورونا.
ووجود الأردن كعامل رئيسي ومؤسس لشراكات عربية ودولية يعني امتلاكه عوامل جذب متعددة ومكانة متقدمة تؤهله لاقامة مشاريع استراتيجية بشكل ثنائي أومتعدد الأطراف مع توفر مقومات وخامات نادرة في العالم بخاصة الثروات المعدنية والطبيعية والزراعية وغيرها .
فعندما تتحدث الحكومة عن مخزونات هائلة من الفوسفات والبوتاس واليورانيوم والصخر الزيتي والسيليكا و استطاعات كبيرة لمصادر الطاقة المتجددة وما الى ذلك فان ذلك يعني أن الأردن مقبل ان شاء الله تعالى على مرحلة انفراج اقتصادي والاعتماد على الذات والسيطرة على ارتفاع الفقر والبطالة والارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين .
المهم أن ينظر الجميع بتفاؤل الى المستقبل القريب وأن يكون الاصلاح والتطوير الاقتصادي مسار عابر للحكومات برؤية واضحة تقوم على تراكمية الانجاز ومواصلته وتفعيل أدوات التقييم والمساءلة والمحاسبة إن لزم الأمر .