
ايمن الشبول
فكر قبل أن ترسل …
ديننا الإسلامي الحنيف يحرم علينا ترويج الكذب والخرافات والإشاعات … والله تعالى توعد كل من أشاعوا الفاحشة والرذيلة ولوثوا أخلاق النشيء والأجيال بالعذاب الأليم …
يقول تعالى : ( إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُون ) .
فعند نشر سخص„ لخبر„ كاذب„ وعند ترويجه لمقطع„ فاسد„ ؛ فسيتلقفه كثير من الناس ، وفيهم ؛ الواعي والجاهل والصالح والطالح … وسيسارع كثيرون منهم لإعادة إرساله عبر وسائل الاتصال المتاحة ؛ والإثم سيكون في صحيفة من أرسله أضعافا مضاعفة” … وكلما تداوله الناس أكثر كان إثمه أكبر وأعظم …
وبمكن أن يتناقله الملايبن وربما عشرات الملايين من رواد الإنترنت …!!! ؛ ولكونه المساهم الأساسي لنقله وترويجه ؛ فستحل عليه الكارثة الأبدية ، وستتصاعف آثامه وأوزاره كلما تكرر المنقول وتجدد الضرر … ! .
قديما كانت مشكلة تداول الإشاعات والأباطيل والإفتراءآت أقل ضررا” وإثما” من أيامنا هذه … حيث كانت الإفتراءآت والأباطيل محصورة ضمن إطار ضيق لن يتعدى الحارة والبلدة والمدينة …
ولكن المشكلة اليوم تفاقمت وأصبحت أشد فتكا” وأعظم خطورة ؛ فهذا الانتشار الهائل لمواقع التواصل الاجتماعي وللانترنت سمح للفساد وللاباطيل بالطواف حول الكرة الأرضية وخلال ساعات قليلة فقط … !!!
لاحظت عددا لا بأس به من الناس لديهم لهفة شديدة لنقل وارسال كل ما يصلهم عبر مواقع النواصل الإجتماعي … ؛ ودافعهم في ذلك ؛ الرغبة في نيل الإعجابات أو لتحصيل السبق الإعلامي أو … !!! … فتراهم ينقلون كل ما يصلهم ومن دون تدبر وتفكر لحقيقة ما وصلهم أو لأضرار ما ينشرونه … !!!
فإذا كان ما أرسلوه صادقا ؛ فبها ونعمت ، ولكن المصببة ستطالهم ؛ إن ثبت أن ما أرسلوه كان : مجرد إشاعات وافتراءآت كاذبة ؛ تمس الشريعة أو تفتري الأنبياء أو الصحابة والعلماء ؛ أو فيها إساءة مقصودة لقادة عظام او فيها مساس بمؤمن أو مؤمنة …
فهذه كارثة كبيرة لهم ؛ ومن المستحيل تدارك العواقب الناتجة ؛ فالمنشور أفلت ووقع في أيدي الناس … !!! وهنا ستتضاعف سيئات وأوزار من أسرع للنشر في كل دقيقة وساعة ، وستلاحقه لعنة جرمه إلى قيام الساعة … !!!
كثيرون قرأوا القصة الاحمدية الكاذبة والمختلقة ، والمنسوبة إلى الامام أحمد ؛ ( حامل مفاتيح الحرم ) … بحسب مزاعم مؤلفها … وهذه القصة تم تداولها بكثرة قبل عشرات السنين ، وكانت مطبوعة وقتها على الورق … وكل علماء المسلمين ومنهم : إبن باز ، وإبن عثمين ؛ حرموا تناقلها وتداولها منعا لنشر الدجل والكذب والخرافة ؛ … ولكننا ما زلنا نشاهد من يتداولوا هذه القصة وقصصا” أخرى مشابهة” عبر مواقع التواصل الإجتماعي … ؛ وستبقى هذه القصة وقصص أخرى مشابهة تدور بين الناس وعبر الشبكة العنكبوتية وبشكل أكبر ؛ والوزر الأكبر يتحمله من ألف ومن روج ونشر دون وعي و تفكر …
قديما” كانت الممثلة آو المغنية المعتزلة والتائبة لربها ؛ تسعى جاهدة لتجميع وشراء كل ما تستطيعه من اشرطتها الموجودة في الاسواق والبيوت … ! .. في محاولة„ منها للتخلص من هذه الأشرطة الغنائية أو التمثيلية ؛ قإن عجزت عن تجميعها وعن التخلص منها ـ وهي لا شك عاجزة … أعلنت ومن خلال وسائل الإعلام المتاحة براءتها الأبدية من كل هذه الاشرطة والافلام … ؛ لذا كانت توبة الفنانين صعبة وليست سهلة مثل باقي البشر …
!!!
ونفس هذا الكلام بات ينطبق على مروجي الافتراءآت والاباطيل والأكاذيب والمفاسد عبر الشبكة العنكبوتية أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة …. فتوبة هؤلاء لن تكون سهلة … !
سيصعب على من تاب تبرئة الذمة …. سيصعب عليه التخلص من الأباطيل والإفتراءآت والمفاسد التي روج لها عبر الشبكة العنكبوتية ؛ بعد أن تداولها عشرات أو مئات الملايبن من البشر حول هذا العالم … و سيبقى ما نشره يطوف بين الناس وإلى قيام الساعة !!! …
لذا فالامر ليس بالسهولة التي يتصورها بعض المتهوربن والمتسرعين بالنقل وبالنشر …
تريثوا وتمعنوا وتحروا الصدق والدقة قبل معاودتكم للنقل والنشر … دعوا الاشاعات والأباطيل والمفاسد تتوقف عندكم ؛ ادفنوها بأيديكم ولكم الأجر والثواب من الله … ( ورب مبلغ أوعى من سامع ) .
علمنا رسولنا عليه الصلاة والسلام أن كلمة طيبة كفيلة برفع المرء درجات كثيرة في الجنة ، وعلمنا عليه الصلاة والسلام أن كلمة واحدة خبيثة كفيلة بقذف المرء إلى قعر جهنم … والحذر الحذر من تداول الأحاديث النبوية قبل أن تحري صدقها … قال صلى الله عليه وسلم : من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار .
باب التوبة لن يقفل ، وهو مفتوح حتى خروج الشمس من مغربها … ولكن ما نرجوه من المروجين للإشاعات والأباطيل ومن المشاركين في ترويج المفاسد الالكترونية عن قصد وعن حسن نية ؛ المبادرة فورا للتوبة ؛ فهذا الفعل ليس سهلا” وتتصاغف آثامه في كل دقيقة … نرجوا منهم المسارعة لإعلان البرآءة ـ أمام الله ـ وعقد النية الصادقة على عدم العودة لمثل هذه الأفعال المدمرة والكارثية … قبل أن يباغتهم الأجل وهم في غفلة من أمرهم … وبندم أحدهم يوم لا ينفع الندم .