عاهد الدحدل العظامات
غالبيتنا إن يكن جميعنا تعاطف مع المعلمين فيما يخص مطلبهم وهي علاوة الـ 50%. هذا الحق الذي لا يختلف عليه إثنين. وقد إمتعضنا مما قد حصل يوم الإضراب الأول من منع وصول المعلمين لمكان إعتصامهم والمضايقات والإعتداءات التي رافقت الإعتصام. في تعاطي حكومي مع الأزمة لم يكن عقلانياً ولا منطقياً ولم يُراعي حق الانسان في التعبير عن غضبه والمطالبة بحقه بالطرق السلمية التي تكفل ضمان المحافظة على أمن وممتلكات الوطن. ولستُ أظن أن هُناك الأكثر حرصاً على الاردن وإدامة إستقراره من أبناء الشعب الاردني. هذا التصرف الذي جانب الصواب فاقم الأزمة بدلاً من إحتوائها وكاد أن يوصلها لمرحلة لا يتمناها أحد؛ وإستفز المعلمين وحتى غيرهم الخشونة في التعامل والذي لم يكن يتوقعه أحد. ما جعل نائب نقيب المعلمين يُجدد الدعوة للإضراب الأحد بداية الإسبوع الثاني من هذا العام الدراسي.
قُلنا أن هناك يومان من العُطلة وهي فُرصة سانحة لكلا الأطراف ” النقابة والحكومة” لفتح حوار تفاوضي جديد عنوانه الرئيس تغليب مصلحة الوطن والطالب من جهة النقابة, أما من الجهة المقابلة فتقديم حل بديل عن الموافقة على العلاوة إن يكن بقدرتها ذلك هو التصرف الأجدى بدلاً عن العناد. لكن على ما هو واضح أن الإضراب سينتقل من الشارع إلى داخل أسوار المدارس. بما معنى ذلك أن النقابة والحكومة لم يتوصلان لحل يُنهي الإشكالية, وأن التوقف عن إعطاء الدروس مستمر لحين تحقيق مطلب النقابة الذي تعجز عن تلبيته الحكومة.
في هذا المقال لن أقف مع المعلمين ضد الحكومة ولا مع الحكومة ضد المعلمين. فكلاهم أصبحوا يتعاملون مع الموقف بأنانية ويُحيدون مصلحة الوطن والطالب جانباً. فالحكومة وكأنها حقاً لا تُريد أن تستلم على حساب إبقاء الأزمة التي قد تتفاقم في لحظة, والمعلمين التي تُحركهم النقابة لن يتنازلوا بسهولة عن مطلبهم ولا يريدوا أن يخسروا الحرب مع الحكومة من بدايتها, وهذا أيضاً كله على حساب مصلحة الطالب الذي هو الضحية الحقيقية.
في اليومين الماضيين تراودت على مسامعي أسئلة كثيرة حول موقف المعلمين منها: لماذا المعلمين لم ينتفضوا في عطلتهم التي إستمرت لثلاثة شهور؟ لماذا يستغلون هذا الوقت وهو بداية العام الدراسي دائماً لخلق الفوضى ويُراهنون الحكومة على تعليم أبنائنا؟ لماذا لا تبحث النقابة في إنحدار منظومة التعليم في المدارس ؟ أليس المعلمين هم الشريحة الوظيفية الحكومية الأحسنُ دخلاً, والأكثر عُطلاً؟ فهم يُعطلون نصف السنة بأقل تقدير؟ لماذا لا يُراعون ظروف وطنهم الإقتصادية؟ والعديد من الأسئلة التي يطرحُها الناس منتقداً بعضهم قرار الإضراب الذي جانب إختيار توقيته الصواب…