هاني شويات
في مثل هذا اليوم ذكرى وفاة والدتي
هاني حسن الشويات
الى الإنسانة التي وقـَفَت بجانبي في أزماتي .. الى من أحسَّ بأَلَمي .. الى التي شاركتني أفراحي .. وأحزاني .. وربتني في صغري وعلمتني .. وأحاطتني بحنانها .. والتي دائماً .. وأبدا أجدها بجانبي في أزماتي
.. الى أول وآخر وأغلى من عرفها قلبي وضحَّت وعانت من اجلي بالكثير .. علمتني معنى الحب .. علمتني معنى العطف .. علمتني كيف أصلي .. أجدها دائماً .. وهي توجهني في حياتي .. أصبحتُ قوياً بها .. أصبحتُ إنساناً بسببها..!!! لا ولن أستطع أن أوفي ولو بالبسيط من تضحياتها …
ولو أرادوا آنذك أن يأخذوا عمري لأجلها بدلاً من رحيلها ، لأعـطـيتهم إياه ..أحببتها بكل الحب الذي في الأرض …وكل نسمة هـواء في السماء .. لقد فقدتُها … نعم فقدتُها .. ورَحَلَتْ دُونَ أَنْ تَقَوُّلَ شيء … ناديتُ وصرختُ دون فائدة … لن أنساكِ … وَلَن أَنســى دَمْــعَ عينـــاكِ .. وَلَمْ أَنسى حضنكِ الدافئ .. وَقَهْوَةٌ كُنْتِ سَكَبتها لِي فِي الصَّبَاحِ …وأعطيتيني مصروفي ..
أُمُّي .. لِماذا رحلتِ … أَلَمْ تَقَوُلي أنَكِ خَالِدَةٌ .. فَلَا رَحِيلَ ابداً …؟! لم تشتكي من ألم ولم تذهبي للمستشفى حقاً ..
تعالي لَمْ أزل شَقِيَا .. لِتُوَبِّخِينَي … فأنهُ لَمْ يدفئُني حِضْنُ الْأرْضِ … وَلَمْ أَشْعُرُ بحنان فِي دَنِيتِي … وَلَمْ يسكِنُ دَاخِلُ عِينَاي .. غَيْرَصورَتَكِ … فَتِلْكَ يداكِ .. كَانَ الْمَاءُ يَهْرُسُهَا مِنْ غسْلِ أَمتعتي فَعَوِدِي لِكَيْ أُقبِلُهَا .. كان الأكلُ له طعمٌ .. وَعوِدِي نكلمُ الليلَ .. فِي ذكرَى أَبِـــي الرَّاحِلَ … الذي يسكن بجانبكِ فعَوِدِي نَقْتُـــلُ الْحُزْنَ .. الَّذِي كان لَن يفارِقُك عودِيِ الينا .. فَمنْ غيرُكِ يُزِيلُ الهمَ وَالْيَأْسَ عَنْ وجهي … وَيَقْتُلُ ذلِكَ الْحُزْنَ أو ناديني بينكم لنتسامر ..
أَيَا أُمَّي ..
لَوْ بَحَثْتُ بَيْنَ نِساءِ الْأرْضِ .. فَلَنْ أَجِدُ لكِ مُثلى .. وَلَنْ أَجِدُ لَكِ شَبهَا .. وَلَنْ أَجِدُ مثلَ حضنُكِ دفِئَا … لَيْسَ هَذَا إلّا .. لأُمِّي
فَكَيْفَ لَا أَحِنُ إِلَيكِ .. وَأَنْتِ جَبَلٌ مِنَ الحُبِ … وَمِعْطَفٌ يَقِي بَرْدَ الْعَيْشِ وَجنَّةٌ .. تَأْتِي مَنْ أرضاكِ
يا أُمِّيِ …أصبحت الحياة بعدكِ غير التي كنتِ تعيشينها .. ساد الكذب والغش والخداع وسوء النوايا والكسل التي كنتِ لا تعرفينه ..وكنتِ تحذرينا منه .. ساد الخوف .. نعم .. الخوف من كل شئ .. الكل يضحك على الكل .. وهكذا يا أمي
فدعيني أتذكَرُكِ الْيَوْمَ .. وَأنادي عَلَيكِ.. لعلَكِ تَأْتِي وَأَنَا أعْلَمُ أنكِ لَنْ تَأْتِي.. فدعيني أتذكَرُكِ الْيَوْمَ.. وَأنادي عَلَيكِ .. لعلَكِ تَأْتِي
وَأَنَا أُعْلَمُ أنكِ .. لَنْ تَأْتِي .. فانتظريني أنا آتٍ اليكِ .. فأخبري أبي أنني آتٍ ..هرباً من الوحدة .. وحدة كل شئ ..
كم أبكيتيني … نعم يا آُماه … لقد أبكيتيني … وما زلتُ أبكيكِ … وسأبكيكِ حتى ألقاكِ … لكن كنتِ أنتِ يا أمي تحبسين الدمعةَ في داخلكِ لكي لا تشعرينا أنكِ تبكي لكي لانحزن معكِ … يا أروع النساء يا من كنتِ تمنحين قلبي الحب وتزودهُ ابتسامتكِ بالحياه … أمي يا واحة الحب وقَصر العواطف ونبع الشوق صوتكِ ما أحلاه … تسكنين في داخل مشاعري لا اقدر أن أتجنب شوقي إليك وحرقة ألآآه … يا بلبلةَ الصباح ويا من كنتِ تنسجين لقلبي من أعماقكِ ليلهُ ومساه .. فعلمتيني كيف أحترم الناس وأصغي اليهم بكل إحترام .. وعلمتيني الدين والأخلاق … وعلمتيني كيف أحمل الأمانه ..و كيف أحب وطني وشوقتيني له عندما كنتُ في الغربة من أجل الدراسة .. لقد غبتُ عنكِ ثمان سنوات متواصلات .. لقد آلمتُكِ .. سامحيني ..
أنتِ روضتي ومدرستي وجامعتي وأستاذتي في هذه الحياه … أُمي يا ارق من خلقهُ الله .. محتاج لحنانكِ فامنحيني إياه … وأنا على يقين أنكِ لا تستطيعين … أو إمنحين موتي من يديكِ .. الله الله… ما أجمله وما أحلاه .. غريب في مشاعري دون ان تكوني …فكوني معي لأبحث عن فرحي .. فمثل شوقكِ في هذا العالم يصعب لقيآه … قلبكِ عظيم ما أصبره … احبكِ ويشهد على حبي ربي .. وكم أنتِ عزيزةٌ على قلبي .. امي يا عبير صدري ….
وأخيراً يا أمي .. نعم وأخيراً .. لا أملك شيئاً إلاّ أن أقرأ الفاتحة والدعاء لكِ ولوالدي والصدقة .. هكذا علمتيني .. رحمكِ الله ورحم الله والدي وأسكنكما الفردوس الأعلى ورحم الله كافة المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الحي منهم والأموات الفاتحة .