رمزي الغزوي
بكل صلفٍ وغباءٍ يصفُ بعض المحللين والخائفين والمتقاعسين الصواريخ التي تطلقها غزة على العدو الإسرائيلي بأنها عبثية تجلب الويلات لأهلها ولا تحقق شيئاً.
هم يرون أن لا جدوى منها أبداً، فبعضها يسقط في غزة ويسقط البعض الآخر بصواريخ القبة الحديدية، فيما لا يصل منها إلا القليل ويصيب الهدف.
قد تكون هذه الصواريخ ضعيفة في موازين ومعادلات القوى العسكرية للكيان الصهيوني. ولكنها تبقي الفتيل مشتعلا وقادا منتشرا. هي دلالة حياة وتململ ورفض للاحتلال وعدم استكانة ورضا. هي ليست عبثية بلا جدوى إنما هي جمر يتوقّد في رمادنا البارد.
نحن في مواجهة إنسانية ووطنية وقومية وأخلاقية طويلة الأمد مع عدو غاشم متمكن له نفوذه وهيلمانه وشراكاته المتينة مع القوى الدولية. ولربما نعي أننا لا نستطيع في هذا الوقت المخجل أن ننتصر عملياً، ونحرر مقدساتنا وقدسنا ونسترد حريتنا. ولكن لماذا نخمد أو نهمد؟ لماذا نمنح أعداءنا ما يريدونه من سكون المقابر وصمتها؟.
ثم لماذا يكسِر هؤلاء المتقاعسون مجاديفنا ويثقبون قاربنا الصغير؟، لماذا يقطعون خيط أمل أخير في نوال كنزة دفئنا؟ لماذا يطفئون شمساً نربيها كما يربى لهيب شمعة في الريح؟ لماذا يثبطون عزائمنا ويحبطونها، ويقللون من شأننا في كل عمل نقوم به؟، كل هذه الأسئلة المدببة يحق لها أن تتردد على ألسنة الشباب المنتفضين في غزة والقدس وعموم فلسطين المحتلة.
فعند كل تحرك يقول الذين في قلوبهم مرض أو خوف أو خنوس: اصمتوا اسكتوا. أنتم زوبعة في قعر فنجان. اعصار كأس شاي. أنتم بارود خالطه جليد مجروش.
اصمتوا. فتيل احتراقكم متهتك لا يمرر شرارة فيه. أنتم ظاهرة صوتية بترددات متهاوية تميل إلى الخمول والنحول. تزمجرون كبركان أهوج ليلاً، وتصبحون خامدين كقتيل الثلج. حرارتكم النوعية منخفضة تسخنون سريعاً كشهاب عابر، وكالطين في كانون تبردون.
تباً لهم وتبا لمن يسمعهم. هم يستكثرون على الضحية العلامة الوحيدة من علامات الحياة: التململ، ورفض الموت كخراف المسالخ. يريدون البلاد جثة مزرقة أرختها أصابع الموت، وسجتها كخرقة فوق التراب. يقللون من شأن انفعالات الشعب وحماسهم وغضبهم، ويصفونهم بالسذاجة والهبل وقلة التعقل.
يقولون عنهم بأنهم انفعاليون، وأنهم ردة فعل فقط. ولم يكونوا يومنا فعلا أصيلا. أقصى ما يستطيعه الواحد منهم أن يغير صورة صفحته على فيسبوك، ويشارك في مسيرة احتجاجية أو يحرق علماً إسرائيليا، أو يقذف حجرا لا يجدي نفعاً.