محمود الخطاطبة
حسب المعلومات الراشحة عن وزارة التنمية السياسية والشؤون البرلمانية، فإن الأخيرة قد فرغت من الحوار مع العديد من الأحزاب، حول شكل قانون الانتخاب الجديد، إلا أنه وحتى الآن لم تظهر ملامحه أو تسريبات حول أهم بنوده على الأقل.
ورغم مرور نحو أربعة أشهر على دعوة جلالة الملك عبدالله الثاني، إلى إعادة النظر بالقوانين الناظمة للحياة السياسية؛ كالانتخاب، والأحزاب، والإدارة المحلية، إلا أن الظاهر أن الأمور تسير ببطء، خصوصًا مع قرب انتهاء الدورة غير العادية لمجلس النواب التاسع عشر.
صحيح أن السرعة غير محببة في كل الأمور، لكن في موضوع الإصلاح السياسي، وبالأخص قانون الانتخاب، الذي هو جوهر العملية السياسية ومتربط بشكل وثيق بقانون الأحزاب.. فإن السرعة مطلوبة، وتُصبح من باب الواجب، خاصة في ظل الأوضاع الراهنة، لكسر حالة الجمود السياسي، وبعد انتخابات شابها “تجاوزات”، كانت سمتها الأساسية ضعف المشاركة، حيث بلغت نسبتها 29 بالمائة، والتي تُعد الأضعف بتاريخ الانتخابات النيابية في الأردن.
الخشية، من أن تكون الحوارات واللقاءات التي عقدت للخروج بقانون انتخاب، نوعًا ما عصري يُنصف الجميع، كمثيلاتها من الندوات والورش التي نُظمت في سابق الأيام، والتي كلها ذهبت أدراج الرياح، وكانت عبارة عن مماطلة وإضاعة للوقت، ولنا في ذلك أمثلة حاضرة، كاللجان التي شُكلت لتعديل قانوني الانتخاب والأحزاب.
اللقاءات والتشاورات مع الأحزاب والنقابات وممثلي الشعب ومؤسسات المجتمع المدني، حول قانون الانتخاب الذي “نُريد”، أمر صحي وديمقراطي ومطلوب، لكن بلا مبالغة أو تسويف أو مماطلة، فالأمر جد سهل، في حال توفرت الإرادة، لخلق قانون انتخاب نُباهي به الدول.
عندما تتوفر الإرادة الجادة، تُصبح الأمور أكثر سلاسة، فكل ما هو مطلوب من الحكومة وضع مشروع قانون انتخاب، بأي طريقة كانت، حتى لو على موقع إلكتروني حكومي، فليس شرطًا عقد ندوات وتنظيم حوارات.. المهم التغذية الراجعة، وأخذها بعين الاعتبار وبكل اهتمام.
الحكومة مطالبة بأن تكون جدية، وتُفصح بلا تردد عما تُريد، فهل هي فعلًا تُريد قانون انتخاب ديمقراطيا، يُوصل في النهاية إلى حكومات برلمانية؟.. إذا كانت تُريد ذلك، فعليها التركيز على قانون يتضمن القائمة المغلقة على مستوى الوطن، أو على الأقل على مستوى المحافظة، كبداية.
إذا كانت الحكومة تُريد الإنصاف، فعليها بقانون يُنصف الجميع، بعيدًا عن أي اعتبارات، يجب عدم ظلم فئة على حساب أخرى، والتنبه جيدًا لموضوع الكثافة السكانية، فهناك محافظات قد هُضم حقها بعدد المقاعد النيابية المخصصة لها.
كما أنه يجب التركيز على النائب المشرع الرقابي، وليس ذلك الذي بات يُوصف بـ”الخدماتي”، وما يُسهل هذه المهمة، مشروع قانون الإدارة المحلية الذي سيُفرز أعضاء منتخبين مهمتهم الأساسية، “خدماتية”، كل في منطقته، ليتفرغ بعدها البرلماني إلى التشريع وتجويده، فضلًا عن الرقابة على أداء الحكومة وأجهزتها المختلفة.
أما إذا كانت الحكومة تُريد كسب الوقت، لغاية في نفسها، فالأفضل عدم تضييع الوقت وإهدار الأموال في تنظيم ندوات وورش، فقد ملّ منها الأردنيون، على مدار أعوام مضت.