عريب هاني المومني
قراءة في مرتبة الأردن في تقرير السعادة العالمي لعام 2021
أظهر تقرير السعادة العالمي لعام 2021 احتلال الأردن للمرتبة 127 من أصل 149 دولة شملها التصنيف، والذي تم نشره تزامناً مع يوم السعادة العالمي الذي يُصادف 20 آذار/ مارس من كل عام. وقد استند معدو الدراسة التي ترعاها الأمم المتحدة وتُنشر سنوياً منذ عام 2012، إلى استطلاعات رأي من معهد “غالوب” يجيب فيها السكان عن استبيانات بشأن درجة السعادة الشخصية.
وبحسب الأمم المتحدة فإن السعادة تقترن بـ”مدى رضا الشخص عن حياته”، وقد وضعت مؤشراً سنوياً من 6 عناصر لقياسها، وهي: نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، الدعم الاجتماعي، متوسط العمر المتوقع للفرد، حرية اتخاذ خيارات الحياة، الكرم، وغياب الفساد والظلم.
ويركز تقرير السعادة العالمي لعام 2021 بشكل خاص على آثار جائحة كورونا وأداء الناس في جميع أنحاء العالم لمواجهة هذا الوباء. إذ يُبيّن التقرير بأن أهدافه تقع ضمن شقين، أولهما التركيز على تأثيرات جائحة كورونا على هيكل وجودة حياة الناس، وثانياً وصف وتقييم كيفية تعامل الحكومات في جميع أنحاء العالم مع الوباء. ويتضمن التقرير محاولة جادّة لشرح سبب أداء بعض الدول بشكل أفضل من غيرها.
وبالتالي؛ فإن هذا التقرير يُنذِر بالأوضاع السلبية التي يعيشها المواطنون في الأردن والتي كان بعضها ناتجاً عن وباء كورونا، مما أدّى إلى تصنيف الأردنيين ضمن أقل الشعوب سعادةً في العالم. فالمؤشرات التي تم وضعها لقياس السعادة ومدى رضا الشخص مرتبطة إلى حدٍ ما بمدى تمتعهم بحقوقهم الأساسية، وتأسيساً على ذلك فإن هذا التقرير قد يُعتبر مؤشراً على تراجع الأردن عالمياً في مجال حقوق الإنسان، تلك الحقوق التي كفلتها التشريعات الوطنية والمواثيق الدوليّة.
فسعادة الإنسان ترتبط بإحدى الجوانب بحصوله على حقوقه الأساسية مثل الحق في التعليم الجيّد، الحق في المساواة، الحق في الصحة، الحق في العمل، والحق في التمتع بمستوى معيشي لائق. وفِي حال عدم تمتّع الإنسان بهذه الحقوق فإن مستويات السعادة تقلّ لديه، وتزداد نسبة الإحباط مما يؤثر سلباً على العديد من المجالات الأخرى مثل ارتفاع نسبة الجريمة بالمجتمع؛ فقد أصبحنا في الأردن نسمع ونرى العديد من الجرائم التي تقع بين الأصول والفروع. كما أن انخفاض نسبة السعادة والتخلف الاقتصادي يرتبطان بالإحباط السياسي وتدّني نسبة المشاركة السياسية على مختلف المستويات سواء المحلية أو الوطنية، وهذا ما شهده الأردن في الانتخابات النيابية الأخيرة إذ كانت نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع متدنية جداً، ففي مثل هذه الأوضاع يهتم الناس بحياتهم الخاصة وتوفير احتياجاتهم الأساسية ولا يهتمون بالأمور والشؤون السياسية.
إن هذا المؤشر يدق ناقوس الخطر ويوجب على الحكومة إجراء مراجعة شاملة وسريعة للخطط والسياسات المتّبعة، فزيادة نسبة الإحباط السياسي في ظل التعبئة الاجتماعية والانفتاح والعولمة وعدم تلبية الاحتياجات والمطالب الأساسية للمواطنين قد يؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي، ولا يُسمَح بالتذرّع بجائحة كورونا وآثارها السلبية على مختلف القطاعات؛ فهناك العديد من الدول التي نجحت في مواجهة هذا الوباء وحافظت على مرتبتها في تقرير السعادة العالمي. بالإضافة إلى أن هذه الأوضاع ليست بجديدة على الأردن، فقد احتلت في نفس التقرير للعام 2020 المرتبة 119 من أصل 153 دولة، وبالتالي فإن المشكلة متراكمة على مدار سنوات وتحتاج لحلول جديّة.
فالأردن أحوج ما يكون في هذه المرحلة إلى الإصلاح السياسي الشامل الذي يتضمن كافة المجالات والجوانب، من أجل تلبية الحاجات الأساسية للمواطنين والمحافظة على استقرار المجتمع، لعلّ وعسى أن نرى الأردن قد تقدّم في تقرير السعادة العالمي في العام المقبل.