فهد الخيطان
الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة أصبحت جاهزة، وتم توزيع نسخ منها على الدول العربية المعنية. اليوم وفي قمة القاهرة الطارئة، سيتبنى القادة العرب الخطة المكونة من ثلاث مراحل، وقد وافق عليها الجانب الفلسطيني الذي سبق له أن أعد تصورا شاملا لإعادة الإعمار في غزة، تم أخذه بعين الاعتبار عند صياغة النسخة المصرية.
ومن المقرر أن تكلف القمة وفدا من وزراء الخارجية العرب لتسليم الخطة للجانب الأميركي، بوصفها بديلا مكتملا وواقعيا لمشاريع تبنت التهجير كخيار بديل، رفضتها جميع الدول العربية.
تبني الخطة عربيا، لا يكفي للاعتقاد بأنها تحظى بإجماع عربي كامل. ثمة تباينات بين دول عربية حيال بعض القضايا الأساسية، فالخطة لا تقدم جوابا شافيا على اليوم التالي للحرب، وتترك مسائل مثل دور حماس في القطاع بلا موقف مواضح، وكذلك سلاح الحركة وخروج قادة حماس من القطاع، ودور السلطة الفلسطينية في المرحلة الأولى.
وفي هذا الصدد اختلفت مواقف دول شاركت في اجتماع الرياض التمهيدي من هذه العناوين.
اختلاف الأولويات هذا، سيقابله اشتراطات أميركية وإسرائيلية لا ترى أي فرصة لإعادة إعمار القطاع قبل انسحاب حركة حماس من المشهد تماما، ونزع سلاحها.
والأرجح أن مفاوضات عسيرة ستدور بين الوفد العربي والإدارة الأميركية الخاضعة تماما للمنطق الإسرائيلي، قد تؤدي في نهاية المطاف لتعطيل خطوات السير في تطبيق الخطة.
بالنسبة لدول عربية وازنة يصعب عليها تمويل خطط الإعمار في ظل مستقبل ضبابي لطبيعة السلطة الحاكمة في القطاع.
وقد سمعت الأطراف كلاما صريحا يشي بتحفظ هذه الدول عن تمويل أي خطة إعمار تجعل احتمال عودة الحرب للقطاع في المستقبل أمرا ممكنا.
التحفظات لا تنحصر في الموقف من حركة حماس وضرورة ابتعادها عن المشهد نهائيا، بل تطال السلطة الفلسطينية التي لا تثق دول عربية بقدرتها على تولي المهمة بالكفاءة المطلوبة.
وفي كل الأحوال لا يمكن لبعض الدول أن تقبل المساهمة في تمويل خطة إعمار لا تحظى بموافقة واشنطن.
وهناك بطبيعة الحال إسرائيل التي تستطيع إحباط أي عملية إعمار في غزة ما دامت مسيطرة على معابر القطاع البرية وعلى الأجواء أيضا، بحيث يصعب إدخال أي مواد أو آليات لرفع الأنقاض وبدء أعمال التعمير.
هذا يعني ببساطة أن إقرار القمة للخطة العربية، ليس إلا سلاحا دبلوماسيا لمواجهة سيناريو التهجير الذي تبنته إدارة ترامب بدعم إسرائيلي كبير، ولا يعني بالضرورة أن اليوم التالي للقمة هو بداية إعمار غزة، ورفع المعاناة عن أهله.
العملية تحتاج لجهد دبلوماسي هائل، وتفاهمات عربية وفلسطينية، تضمن توفر الشروط الدولية اللازمة لدخول الخطة حيز التنفيذ.
حركة حماس مطالبة بتنازلات كبيرة، بادرت إلى تقديم بعضها، لكن مطلوب منها أكثر.
ولا بد من حملة دبلوماسية ذكية ومثابرة في أروقة واشنطن لإقناع إدارة ترامب بالخطة، وضمان الضغط على إسرائيل للقبول بما وافقت عليه باتفاق الهدنة.
الظاهر حتى اللحظة، أن إسرائيل تتنصل من الاتفاق وبدعم أميركي، والخشية كبيرة من استئناف القتال في غزة بعد قطع المساعدات.
يقابل ذلك مواقف من طرف حركة حماس، رافضة لفكرة نزع سلاحها أو خروج قادتها من غزة.
وسط هذه المعطيات يصعب على المرء التفاؤل بقدرة القمة على إحداث أي اختراق كبير في مشهد غزة المستعصي، أو الاعتقاد بأن إعمار القطاع بات في متناول اليد.
ما أعتقده وقد سبق أن كتبته في المقال السابق، أن الوضع القائم في غزة سيكون هو الوضع الدائم بكل أسف.
الغد