الدكتور عبد الحكيم القرالة
يجابه الأردن – بكل ما أوتي من عزيمة – تحدياً كبيراً وخطراً داهماً، يحدق بالجميع على امتداد المعمورة، والمتمثل بوباء كورونا المستجد.
ومنذ انتشار هذا الوباء في مختلف دول العالم إتخذ الاردن إجراءات إحترازية كانت محل تقدير الجميع -داخلياً وخارجياً- هدفت في جوهرها منع انتشار الوباء ومحاصرته بشتى السبل وجعل صحة المواطن أولوية..
وبتوجيهات مباشرة ومتابعة حثيثة من جلالة الملك عبداالله الثاني استنفرت الأجهزة الحكومية والجيش العربي والأجهزة الامنية وسخرت كافة إمكاناتها للحد من الوباء وبشهادة الجميع كانت إدارتها للأزمة متميزة وناجعة.
وهنا فان المواطنة الحقيقية والانتماء للوطن له اشكال مختلفة ومتنوعة يجسد فيها هذه القيمة العليا بالافعال بعيداً عن شعارات رنانة لا ترقى لابسط قيم الانتماء والوطنية.
ويتصدر مفهوم المواطنة المشهد ويفرض نفسه بقوة في أوقات الأزمات التي تمر بها الاوطان اذ يظهر الغث من السمين ومن يؤمن بالوطن ومصلحته العليا ومن يتغنى بها ويرددها، عليه أن يترجمها الى افعال تؤكد إيمانه المطلق بها، من خلال تنفيذ مضمونها القيمي والسامي.
في أزمة كورونا المواطنة الحقيقية تعني أن نلتزم بالإجراءات الحكومية الإحترازية وأن ننصاع لها لأن فيها مصلحتنا وصحتنا.
المواطنة الحقة تعني أن نكون معاول بناء ودعم وسند لكافة الإجراءات الحكومية وأن نكون صفاً واحداً وسداً منيعا في وجه هذا الخطر المحدق.
قيم الانتماء للوطن الذي نحب ونفديه بالمهج والارواح، تتطلب أن نكون جميعاً في القطاعين الرسمي والأهلي كالجسد الواحد لأن في ذلك قوة تعيننا وتسندنا لمواجهة هذا العدو الغريب.
المطلوب اليوم من كافة المؤسسات المجتمعية والأهلية والمواطنين ان نكون على قدر التحدي وأن نتحلى بالمسؤولية وأن نكون السند للاجهزة الرسمية والأمنية يداً بيد حتى تأتي الاجراءات أكلها وتكون ناجعة وصولا لبر الامان.
يومياً ترتفع أرقام المصابين بالمرض وهذا مؤشر خطير وفق المعنيين بالشأن الصحي.
وهنا أستحضر حديث وزير الصحة الدكتور سعد جابر عندما قال«التمرد الآن ليس من الرجولة بشيء، فعندما لا تجد سريرا في مستشفى لإبنك أو أمك كما شاهدنا في دول أخرى ستفقد رجولتك»، في إشارة إلى عدم الإلتزام بالإجراءات وحالة الاستهتار من قبل البعض.
المعضلة اليوم أن البعض لا يعي خطورة المرض على صحة الانسان وكيفية انتشاره السريع- كالنار في الهشيم- لذا لا بد من توعية الجميع بخطورة هذا الوباء ف”الوعي» هو الرهان لكسب المعركة في حربنا مع هذا العدو «الخبيث».
من هنا فإن المسؤولية الملقاة على عاتق وسائل الاعلام المختلفة كبيرة جداً بتوعية المواطنين بخطورة هذا الوباء وبالتالي ضرورة الالتزام بالاجراءات والنصائح الطبية تجسيداً لمبدأ درهم وقاية خير من قنطار علاج.
لا يخفى على أحد أن الأجهزة الرسمية الحكومية والجيش العربي والأجهزة الامنية قدمت كل شيء وتفوقت على ظروفها وسخرت كافة إمكاناتها لمواجهة هذا العدو الذي يتربص بنا.
وهنا فان كل ما قامت به أجهزة الدولة لن يؤتي أكله في معركتنا مع الوباء دون تعاون المواطنين ووعيهم واداركهم وقناعتهم التامة بأن الالتزام والتعاون والتشارك مع الاجهزة الرسمية سيكون طوق النجاة باذن االله.
إن تكامل الادوار والتشاركية الحقيقية بين المواطنين والقطاع الرسمي وان يقوم كل مواطن بدوره من منطلق مسؤولية وحس وطني عال يجسد روح وجوهر المواطنة الحقيقية سيكون سبيلنا لعبور الازمة.
حق الوطن علينا كبير ومساندته في أحلك الظروف ديدن الاردنيين، نفديه بالمهج والأرواح فحق الوطن علينا في هذا الظرف أن نلتزم لأن الهدف هو صحة المواطن اولاً واخراً.
ربما يجهل البعض خطورة المرض وتداعياته المدمرة على صحة الإنسان، نشاهد ويومياً فيديوهات وتقارير وصورا يندى لها الجبين وتقشعر لها الأبدان، فلا بد أن نعي ونتعظ وأن لا نستهتر.
المواطنة أن نلتزم وأن نعمل يداً بيد لتجاوز المحنة وننبذ كل من تسول له نفسه إلحاق الضرر بالاخرين..
لنطبق جميعاً الاجراءات والتعليمات والنصائح الطبية لنعبر بوطنا إلى بر الامان ونكون إنموذجاً يحتذى في العالم أجمع.. «واحنا قدها» بعون االله.
ختاماً.. سؤال حائر و الإجابة عليه في مرمى الجميع، من منا لا يتوق ويتشوق لعودة الحياة لطبيعتها كما كانت قبل الأزمة، وبأسرع وقت ممكن؟ اذا أردنا ذلك بحق؛ لنلتزم..