سميح المعايطة
إحدى سمات التركيبة الأردنية وعلاقة الملك بالناس أنها علاقة تلقائية ،وبالتالي فإن الظهور المؤثر للملك في اي مكان ومع اي مجموعة من الأردنيين هو الظهور الطبيعي التلقائي الخالي من الترتيبات أو وصفات كتب الغرب وتجاربهم ، تماما مثلما هي أصدق المشاهد وأجملها تلك التي نراها عندما يكون الملك بين العسكر في معسكراتهم ومناوراتهم ، أو عندما رايناه عشرات بل مئات المرات بين الناس في تواصل أردني لا يحتاج معه الملك ولا الاردني إلى أي ترتيب سوى ما يتعلق بحركة رمز الدولة وتنقله ،أما المشهد والحديث وشكل الوجوه فكلها صناعة أردنية.
في بعض دول العالم بما فيها الدول العربية يقوم طاقم الرئيس برسم حركته ومكان وجوده ،حتى ان هناك من يستعينون بمخرجين محترفين لرسم مشهد الظهور ،والهدف صناعة انطباع في أذهان المواطنين هناك عن السياسي والحاكم ،لكننا في بلادنا لا نحتاج إلى أي ديكورات ولا صناعة انطباعات ،لأن مكانة الملك ووجهه وضحكته وتلقائية الأردني حين يصافح الملك أو يتحدث معه هي التي ترسم المشهد.
عبر تاريخ الدولة الأردنية منذ الملك المؤسس وحتى عهد جلالة الملك عبدالله كان صدق العلاقة والمحبة وتواضع وأخلاق الهاشميين هي التي تصنع الانطباع وترسم الصورة ،وكان حب الناس للملك تلقائي وصادق لا يحتاج معه اللقاء الى اي ديكور او ترتيب ،وإعداد كبيرة جدا من الأردنيين لديها صور ثنائية مع الحسين رحمه الله أو عبدالله الثاني ،وهي بالنسبة له أهم وثيقه سياسية سواءا كانت في سلام العيد او احتفال عيد الاستقلال او خلال زيارة ملكية إلى محافظة او عشيرة.
تكفي صورة للملك وهو مع الجيش او يتحدث بلهجته الأردنية وعلى رأسه الشماغ او طاقية الجيش لترسم انطباعا مهما وترفع الروح المعنوية للناس ،وهي لغة أردنية لا نحتاج معها إلى كل وصفات صناعة الانطباعات او رسم المشاهد التي نراها في دول أخرى.
الأردنييون تصلهم رسالة الملك وهو يتحدث إلى عجوز او يزور بيت متقاعد عسكري ،والسر ليس في الوصفات المكتوبة بل في صدق الملك وقربه من الناس وأيضا في فرح حقيقي عند كل أردني يلتقي الملك في اي ظرف.
علاقة عمرها قرن من الزمان بين الأردنيين والهاشميين ،صنعت معادلة خاصة ،لاضرورة معها لأي شيء آخر غير الخلطة الأردنية ،فالانطباع لدى الأردنيين لا يحتاج إلى أي ترتيب سوى ان تلك التلقائية والخلق الملكي الرفيع وحب الناس ليس لحاكم بل لحكم ورمز وعنوان للدولة .