لقد عرفنا أن من المحرمات الوطنية الخوض في خصوصيات الشخصيات العامة والتعرّض لها في النقد لها بصورةٍ شخصية تنال من مكانتها في المجتمع. وفي مقابل ذلك فإن لنا الحق كإبناء وطنٍ يجمعنا الوفاء لهذه الأرض أن نكون على دراية لما يدور حولنا وما يجري في بلادنا, وعندما نطرق لشأنٍ عام أو نستفسر عن ملفٍ وطني ما كعلى سبيل المثال “ملف الطاقة” وكُلفة الرواتب التي يتقاضاها القائمين عليه الذي اُثير أخيراً في بيت الشعب الذي جاء ليؤدي هذا الدور الرقابي ويتكفل بالدفاع عن حقوقه ويتحدث بهمومه ويناقش ما يجول في الخاطر الشعبي, فإن هذا لا يعني المساس بالشخصية أو الشخوص وإنما من دافع الحرص على مكتسبات الوطن ومستقبل أبنائه. ففي حقيقة الحال ليس المُهم كم هي تكلفة الرواتب ولا أين وعلى ماذا تذهب المُخصصات الحكومية التي تُصرف على مثل هذه الدوائر والملفات, الأهم من ذلك كله هو الإنجاز وماذا حققنا؟ وماذا إستفدنا؟ وهنا أقصد إنجاز ملموس وإستفادة حقيقية, فالكلام لا ينهض وطناً ولا يُحقق إزدهاراً, وقد يكون عدم الإنجاز “الواقعي” سبباً في غضب وإنزعاج المسؤول عندما تُطرح عليه مثل هذه التساؤلات والإستفسارات!
إحتوائية المسؤول في أي بلد ورجاحة عقله وحكمته مع مثل هذه المواقف لهي دلالة لا تدع مجالاً للشك على صدقه وجراءته في الدفاع عن نفسه وعن دوره في موقع مسوؤليته ولأن ما من شيءٍ يُخفيه أو يخافه يواجه التساؤلات بما لديه من إنجازات دون الإضطرار للغضب أو التهرّب.
وهناك فرق شاسع بين المسؤول وبين الشخصية الوطنية الحقيقية, فالمسؤول الخائف والمُرتعب طيلة الوقت تجده يغضب من كل شيء ولا يتمنى أن يُسأل في أي شيء يخص عمله, أما الشخصية الوطنية الحقيقية فتلك التي تكون مواجهتها بالإدلة والبراهين ولا تمتعض من أي شيء يُطرح عليها.
وكم من شخصية وطنية إغتنالها وإتهمناها وظلمناها ولكنها تسامت عن الرد…لإنها في حقيقة الحال لا تخفّ ولا تُخفي شيء.