رجل الأعمال احمد الرواقه
الانتقال من الطاقة التقليدية إلى الطاقة النظيفة، ليس هو فقط ما نريده لحل أزمة المناخ. وأعتقد أن الدول التي بدأت في السير على طريق الحياد الكربوني، تجامل في خططها المناخية. وذلك ليس لأنها لا تريد تحقيقه؛ وإنما لأنها لا تملك البنية التحتية اللازمة، لبلورة خطة عمل فاعلة؛ لمواجهة التغير المناخي. وهذا ما كان واضحا من ضعف الالتزام العالمي، في مخرجات مؤتمر باريس.
لذا لا بد من عرض الخطط الفاعلة ذات الصلة؛ وطرق تهيئة البنى التحتية اللازمة لتطبيقها. والتأكيد على استعداد الدول، لتحقيق الحياد الكربوني. حتى لو استغرق مزيدا من الوقت؛ البدء بخفض انبعاثات الكربون. فالمهم هو أن يبدأ، بفاعلية واستدامة. فأزمة كأزمة المناخ، لا تحتمل التجربة أثناء محاولة حلها.
ومن خلال متابعة النحو الذي تسير عليه النظم الاقتصادية في كافة الدول؛ بينما تأثير تغير المناخ يزداد عاما بعد عام. يتبين أن هناك حاجة للتحول من مرحلة المنافسة الاقتصادية، إلى مرحلة التكامل الاقتصادي. والتي تعد أكثر منعة أمام الأضرار الوشيكة؛ والتي ستحدث خلال بضعة أعوام، إذا ما اتخذت الدول الكبرى قرارا بالتخلي عن المنافسة، وإحلال التعاون مكانها. مما يؤدي ذلك حتما؛ إلى الوصول إلى الحياد الكربوني بخطى ثابته، بعيدا عن مخاطر التجربة.
ومن أبرز أشكال التكامل المطلوب تحقيقه:
أولا: اتخاذ قرارا بتحديد التبادل التجاري على مستوى السلع، ذات الاستهلاك الكبير. بين دول كل إقليم على حده. والتحفيز على الاستثمار في إنتاجها على أرض كل دولة من الدول التابعة له؛ إلى جانب التأكيد على تفعيل برامج التقاط الكربون، والاستفادة منه بالطرق الممكنة. واحتجاز الفائض بالطرق السلمية، والآمنة على المدى البعيد.
ثانيا: تحفيز الربط الكهربائي بين الدول القريبة من بعضها البعض، بما يضمن تغطية حاجتها بالكامل من الكهرباء؛ التي تنتجها محطات توليد الطاقة المتجددة بكافة أنواعها.
ثالثا: التعاون في مجال استخراج المياه الجوفية، وتحلية مياه البحر، وتبادل الأشتال والبذور. وذلك من أجل توسيع الرقعة الخضراء في الدول، من خلال برامج الأمن الغذائي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضار والفاكهة، في كل دولة على حده.
رابعا: التعاون في مجالات النقل العام، الذي يعتمد على وسائل نقل خضراء. والاستثمار في البنى التحتية التي تحفز على استخدامه، كبديل عن السيارات الخاصة.
خامسا: التعاون على تحويل الجهد الذي تبذله الدول الكبرى الصناعية؛ في صناعة سلع، يمكن للدول الأخرى أن تصنعها على أرضها. إلى صناعة الأنظمة التي تساهم في توليد الطاقة المتجددة وتخزينها؛ لإحلالها عالميا مكان الأنظمة التقليدية، خلال فترة زمنية قصيرة. وأيضا العمل على تبديل طرق التصنيع التقليدية، بطرق خضراء. وذلك على مستوى صهر المعادن وإعادة تشكيلها؛ والتي غالبا ما ينتج عنها انبعاثات للغازات الضارة. وإحلال الطرق التقليدية، التي تستخدم في الصناعات العسكرية والبحرية؛ بأخرى أقل ضررا على المناخ. وتحويل العربات العسكرية والسفن بأنواعها؛ من العمل بالوقود، إلى العمل من خلال بطاريات تخزين الطاقة المتجددة.
سادسا: التعاون على توفير شبكة قطارات خضراء عابرة للدول، للحد من استخدام وسائل الشحن التي تعمل بالوقود. وبالنظر إلى أن هناك بضعة دول شكلت أكبر حصص من الكربون، الذي يتم إطلاقه إلى الغلاف الجوي كل عام. فلا بد من خلق توازن في انبعاثات الكربون، لتسهيل عملية التقاطه؛ والحيلولة دون انبعاثه بمستويات تفوق قدرة التقنيات المبتكرة لالتقاطه، وقدرة النباتات. وذلك من خلال توزيع عمليات إنتاج أكثر السلع استخداما، على جميع الدول. والحد من احتكار أكبر قدر من إنتاجها، وإغراق الأسواق بها؛ من خلال جعل سعرها تفضيلي. كون إنتاجها تم، باستخدام أساليب تحد من جودتها. ومن خلال تقليد معظمها؛ بالاستفادة من قانون منظمة التجارة العالمية، الذي يعطي السلعة التي تخضع إلى تعديل ما؛ صفة سلعة جديدة. ومن الجدير بالذكر، أن هذا القانون يجب إعادة النظر به. وذلك من أجل حصر الملكية الصناعية لسلعة ما، بيد مبتكرها. والتحفيز على الابتكار، لمواكبة متطلبات التنمية العالمية واستدامتها.
وبات من الضروري إعداد نظام حصص متناقصة القيمة بمرور الزمن، على مستوى اطلاق الكربون. مما يضع الدول أمام مسؤوليتها، اتجاه التصدي لظاهرة التغير المناخي وآثارها السلبية. والتي باتت تتزايد بشكل ملحوظ؛ وتشكل عبئا على الاقتصاد العالمي، وتحول دون نموه بالشكل المطلوب.