بلال أبو الهدى
العدل في الإسلام لا يوازيه عدل ولا يفوق عليه عدل في أي قوانين وضعية من وضع البشر في أرقى كليات القانون والحقوق المرموقة في ارقى الجامعات في الدول المتقدمة في العالم، لا اجتماعياً ولا قانونيا، ولا حقوقيا ولا وراثيا ولا انسانيا ولا علميا … الخ. ولو تفحصنا نصوص القرآن الكريم لوجدنا فيها ما جعل ارقى الجامعات الأمريكية واعرقها تضعها على واجهات مداخل كليات القانون والحقوق فيها وفي مكتبات كلياتها مثل جامعة هارفارد الأمريكية والمصنفة في المرتبة السابعة عالميا، فقد وضع المسؤولون فيها نص قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (النساء: 135)) على مدخل كلية القانون وفي مكتبة الكلية. وهذه الآية تعتبر واحدة من أكثر النصوص تعبيرا عن العدالة في تاريخ العالم. وقال تعالى أيضا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (المائدة: 8))، وهذا يعني أيها القاضي أو الحاكم، حتى لو كنت تكره قوم ما أو بينك وبينهم عداوة أحكم بالعدل والقسط وأعطهم حقوقهم، فالعدل هو أساس الحكم.
وما جاء في أحاديث نبينا محمد ﷺ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: يا أيها الناسُ، إنَّ ربَّكم واحدٌ، وإن أباكم واحدٌ، ألا لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ، ولا لأحمرَ على أسودَ، ولا لأسودَ على أحمرَ إلا بالتقوى إنَّ أكرمَكم عند اللهِ أتقاكُم، ألا هل بلَّغتُ؟ قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ قال: فيُبَلِّغُ الشاهدُ الغائبَ. وعندما طلب الناس من أسامه بن زيد حب رسول الله ﷺ أن يشفع للمخزومية التي كانت تستعير من الناس أغراضا وتنكرها عليهم (أي تسرقهم): أتشفع في حد من حدود الله قال ذلك توبيخا وإنكارا، مع أنه من أحب الناس إليه، لكن الرسول ﷺ لا يخاف في الله وفي الحق لومة لائم، أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فخطب في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إنما أهلك الله من كان قبلكم، لأنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد أو قال : قطعوه وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها. وأي عدل وإنصاف ومساواة في تاريخ البشرية أكثر من هذا؟!. وكما قيل: الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنـة. وكما قال الإمام ابن تيمية: إن الله يقيم الدولة العادلة، وإن كانت كافرة، ولا يقيم الدولة الظالمة، وإن كانت مسلمة.