كتب : اشرف محمد حسن
عقب قرارات الرئيس الامريكي دونالد ترامب التي صدرت مؤخرا أعربت الكثير من دول العالم حتى الغربية منها والتي يعتقد انها صديقة وحليفة للولايات المتحدة الامريكية والحركة الصهيونية العالمية وتنساق وراءها كالخراف خلف المرياع عن غضبها وصدمتها من قرار الرئيس الأميركي فرض تعريفات جمركية جديدة وواسعة النطاق، في خطوة وصفها بـ”إعلان التحرير الاقتصادي للولايات المتحدة” وتعد هذه القرارات في الاصل تنصلا امريكيا من كافة معاهدات واتفاقيات التجارة العالمية الحرة بالاضافة الى اعلانها الانسحابات السابقة من منظمة الصحة العالمية خلال كانون الثاني / 2025 م اي منذ ان بدأ الرئيس الأميركي، ولايته الرئاسية الثانية حيث اصدرسلسلة من الأوامر التنفيذية، بينها انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية، واتفاقية باريس للمناخ وغيرها ، فقد صرحت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية صوفي بريما تعليقا على هذه القرارات، أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب “يتصرّف وكأنّه سيّد العالم وبمنهج استعماري”، وذلك بعد اعلان ترامب دخول الرسوم الجمركية الأميركية حيّز التنفيذ ..
ومن ناحيته حذر وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت دول العالم أجمع من الرد على رسوم ترامب، وذلك تحت طائلة حدوث “تصعيد” وقال الوزير مخاطبا قادة هذه الدول “استرخوا، وتحملوا الضربة، وانتظروا لمشاهدة كيف سيتطوّر الوضع، لأنه إذا رددتم سيكون هناك تصعيد” .
الامر هذا ليس مستغربا فقد اعلنت الولايات المتحدة رسميا خلال احد خطابات خطاب الرئيس الامريكي دونالد ترامب بالبيت الأبيض خلال فترة رئاسته الاولى حيث أعلن فيه عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني يوم الثامن من مايو من عام 2018 م وفي ذات الوقت انسحبت الولايات المتحدة ايضا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لتحيز المجلس ضد إسرائيل. ووصفت المندوبة الأمريكية بالأمم المتحدة في ذلك الوقت، نيكي هيلي، المجلس بأنه منظمة «منافقة وأنانية وتستهزئ بحقوق الإنسان” حسب وصفها انذاك وفي ديسمبر 2017، قررت الولايات المتحدة الانسحاب من المفاوضات الأممية بشأن الميثاق العالمي للهجرة، الذي أقرته منظمة الأمم المتحدة بالإجماع تحت اسم «إعلان نيويورك للاجئين والمهاجرين» بهدف تحسين ظروف اللاجئين والمهاجرين، وكانت 193 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تبنت الإعلان في سبتمبر 2026 ومن هذه الاتفاقيات ايضا ، «معاهدة الأجواء المفتوحة» التي انسحب منها ترامب، وهي اتفاقية تهدف إلى تعزيز الشفافية بين 34 جيشًا في العالم- بينها الجيشان الأمريكي والروسي- عبر السماح لأطراف الاتفاقية بتشارك مجالاتها الجوية والقيام بطلعات جوية استطلاعية، بطائرات غير مسلحة وفي شهر شباط / 2025 تقدم أعضاء جمهوريين في الكونغرس بمشروع قانون إلى مجلس الشيوخ الأميركي لانسحاب الولايات المتحدة من الأمم المتحدة كليا ووقف تمويلها وفي 13 ديسمبر 2001، أعلن سلفه الرئيس جورج بوش الابن والذي ينتمي للجزب الجمهوري انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ المضادة للقذائف التسيارية لعام 1972، وهي حجرالأساس للاستقرار النووي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي خلال فترة الحرب الباردة عندما استطاعت الولايات المتحدة الامريكية بدعم وموافقة الصهيونية العالمية تفكيك وانهاء الاتحاد السوفييتي بحيث اوقفت بذلك سعي باقي الدول لتطوير قدراتها العسكرية واصبحت بذلك القوة الكبرى في العالم واصبحت تقود العالم لتحقيق اطماعها التوسعية الاستعمارية حتى في قلب تلك الدول التي تظن انها صديقة وحليفة لها بحيث اصبحت لا تملك قرارها بعيدا عنها واود التذكير هنا بما سبق احتلال العراق عام 2003 من حالات انسياق العالم وراء الإدارات الامريكية الغزو الأمريكي للعراق واحتلاله وبمصوغ كاذب وانسياق كثير من الدول ورائها حتى وصفت تحركات رئيس وزراء بريطانيا آنذاك انطوني بلير بانه وزير خارجية جورج بوش وعلى الرغم من مؤازرة الكثير من باقي الدول الاستعمارية في تلك الحرب الا انها لم تحصل على شيء قياساً بنصيب الولايات المتحدة اما اليوم وبنظرة بسيطة الى الحرب الأوكرانية الروسية فقد بات واضحاً ان هدف الولايات المتحدة هي فقط المعادن النادرة في أوكرانيا لضمان ما انفقته الولايات المتحدة في هذه الحرب دون إعطاء اية ضمانات فهي بشكل عام تريد أموالا فقط ولا تريد قتالا في مواجهة مباشرة مع روسيا لان مثل هذه الحرب ستكون مكلفة ماليا على الولايات المتحدة فقامت بتوريط الدول الاوروبية بدعم اوكرانيا بتلك الحرب ومن ثم قامت بالانسحاب وتركت اصدقائها يتحملون نفقات هذه الحرب في حين تجني هي المكاسب ..! .
وبالرغم من ما تقدمه اغلب الدول الغربية من قرابين للآلهة التي صنعتها بايديها لتعبدها من خلال تخليها عن انسانيتها بصمتها المهين ازاء ما يحدث من جرائم حرب وجرائن ابادة جماعية يقترقها الاحتلال الصهيوني ضد ابناء الشعب الفلسطيني قي قطاع غزة وفي الضفة الغربية واتباعها لاوامر الحركة الصهيونية الا ان الانسان الاوروبي بالنسبة لهم يبقى انسان من الدرجة الثالثة وهو ليس اكثر من مملوك او عبد له ثمن مالي ليس بالكثير .. فقط بضعة دولارات فقد قتل الكثير منهم سواء كان بالتعاقد معه للخدمة في جيش الاحتلال الصهيوني حيث يعرفون بالجنود المنفردة “المرتزقة” والذين في حال مقتلهم لا يسمح لهم حتى بالدفن في مقابر الجيش ولا يعترف بهم كخسائر “بشرية” في صفوف جيش الاحتلال وهذا ما لاحظناه خلال التوغل السابق لجيش الاحتلال في قطاع غزة او من خلال منع الهيئات الدولية التابعة للامم المتحدة واستهداف مقارها بشكل متعمد وقتل موظفيها والامثلة كثيرة على ذلك وشاهدناها خلال هذا العدوان والذ امتد لاكثر من عام ونصف .
باختصار .. ما حدث عقب قرارات الرئيس ترامب لهو خير دليل على انه ليس للولايات المتحدة والصهيونية العالمية اي صديق او خليف او حتى تابع محصن من وان كافة الدول وانظمتها هي فقط مجرد ادوات فقد نقل موقع بلومبيرغ الإخباري بتاريخ 22/اذار/2025 م عن مسؤولين مطلعين قولهم إن هناك انهيارا واسعا في الثقة بين واشنطن وحلفائها بعد تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب السلطة، وقال إن المسؤولين الأوروبيين الذين كانوا يظنون أنهم يعرفون ترامب كانوا على موعد مع صدمة مفاجئة، إذ إن ترامب في عام 2025 ليس كما كان في عام 2017 وأضاف أن بعض الحلفاء التقليديين باتوا يفكرون في مراجعة مواقفهم من تبادل المعلومات الاستخباراتية مع واشنطن، وفقا لمسؤولين مطلعين على الأمر اشترطوا عدم ذكر أسمائهم نظرا لمناقشة مسألة حساسة وذكر مسؤول أوروبي للموقع أنه لم يعد من الممكن الاعتماد على السرية الراسخة بين وزراء الخارجية في اجتماعات مجموعة السبع، وخاصة فيما يتعلق بقضايا حساسة مثل غزة والكيان الصهيوني وفي الواقع ان الصهيونية العالمية تسير الولايات المتحدة وعبر اداراتها المتعاقبة بتبادل الادوار بهدف الاحتيال على المنظومة الدولية لتحقيق المكاسب فقط باستعمار الكرة الارضية دون ان تدفع اية اثمان ولا يكترثون بصديق او حليف فهم من لا امان.. ولا عهد لهم..
