اسعد العزوني
يرجع الفضل لبقاء سوريا موحدة حتى يومنا هذا ،رغم ما يجري فيها ويفوق التصور،إلى المقاومة العراقية الباسلة الموؤودة ،التي قلبت حسابات واشنطن ،التي كانت تنوي إحتلال سوريا بعد العراق مباشرة ،بعد أن تسلم العراق لطغمتها ،لكن المقاومة العراقية التي إنطلقت دون أن يعلم بها أحد ويكتب تقارير بهذا الشأن لواشنطن وتشرفت أنا بنشر أول بلاغاتها،قد أجبرت الجيش الغازي الأمريكي ومن تحالف معه على البقاء في العراق لمواجهة مصير المحتل،لكن الجميع تآمروا على هذه المقاومة الباسلة ووأدوها كما وأدوا الثورات الفلسطينية السابقة خدمة لحليفتهم الصهيونية.
كان إحتلال العراق ربيع العام 2003 هو المقدمة الأولى لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الأمريكي الكبير الذي أقره الكونغرس الأمريكي في جلسة سرية عام 1983 بعد أن أعده الصهيوني الحاقد د.بيرنارد لويس،وقام الإسرائيليون كعادتهم بدس أنوفهم وطرحوا نفس المشروع ولكن تحت إسم”خطة كيفونيم”وتعني الإتجاهات عام في 13 حزيران 1982 ،بعد ان ترجمها المفكر الإسرائيلي المعروف والمناويء للصهيونية د.إسرائيل شاحاك،إبان غزو السفاح شارون للبنان بالتنسيق مع القوى الإقليمية المضادة الحليفة للصهيونية.
بقيت الأمور على حالها في الإقليم،وكانت الحرائق السياسية تشتعل هنا وهناك بعد معاهدة كامب ديفيد التي وقعها السادات المقبور مع الصهاينة بدعم وتشجيع من القيادة السعودية أواخر سبعينيات القرن المنصرم ،وتم إخراج مصر من ساحة الصراع ،وأعقب ذلك إمتحانا لمصر غزو لبنان صيف 1982،ومن ثم إتفاقيات اوسلو بين قيادة منظمة التحرير الشقيرية 1993ومعاهدة وادي عربةمع الأردن 1994،وتوجوا الحرائق بما أسموه “الربيع العربي”الذي إختطفوه في مهده ،وباتوا هم من يحرك الشوارع العربية ،وحقيقة القول انها كانت نكتة سمجة أن يكون العديد من رموز الصهيونية المعروفين أمثال عضو الكونغرس الأمريكي جون ما كين والفيلسوف الفرنسي اليهودي بيرنارد هنري ليفي،وكانت سوريا من ضمن ساحات الربيع العربي المخطوف،ونالت أكبر حصة من الحقد الصهيو-أمريكي ،لأن شلال الدماء فيها ما يزال متدفقا دون هوادة،بعد أن إستقدمت إليها كل الثيران البرية لنكح بقرتها التي أسمت نفسها بالمعارضة ،وقامت بالتشبيك مع مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية التلمودية،وباتت تل أبيب محجا للعديد من رموز هذه المعارضة المقيتة.
إمتازت سوريا بالعديد من الإبداعات التي جعلت منها على الأقل دولة قوية إقتصاديا ،إذ لم تكن مرهونة لصندوق النقد والبنك الدوليين،وكانت عجلة الإنتاج فيها تسير وفق جدول مدروس،ناهيك عن الإنتاج الزراعي ،ولذلك كان لا بد من ضربها وتفريغها من أهلها،ولم يكن مستغربا تحويل سوريا إلى معسكر إرهابي دولي وغرس داعش الصهيوني فيها ،بعد ان عاث ولا يزال فسادا في العراق.
سوريا التي تعد قلبا لبلاد الشام تصنف على أنها العقبة في وجه إنشاء مملكة إسرائيل الكبرى،ولذلك كان لا بد من تحجيم دورها بإنهاكها أولا ومن ثم تقسيمها والسيطرة على نفطها وثروتها الموعودة من الغاز،وقد فسحوا المجال للأكراد أن يمهدوا لذلك كما فعلوا في العراق ،وكان لزاما كما حدث مع أكراد العراق، منح أكراد سوريا كيانا يتحالف بطبيعة الحال مع مستدمرة الخزر في فلسطين.
إن تقسيم سوريا ومنح أكرادها كيانا خاصا بهم ،سيجر الويلات على الإقليم بأسره ،وسوف لن تسلم تركيا وإيران من هذا المخطط،لأن المطلوب هو تجميع أكراد الإقليم”العراق،سوريا،تركيا وإيران “في كيان واحد يكون حليفا لمملكة إسرائيل الكبرى.
وللتذكير فإن الخطة الثانية بعد الربيع العربي كانت تقضي بغزو عسكري دولي ينطلق من الصحراء الأردنية،لكن جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين أفشل تلك الخطة ،ورفض فتح الحدود الأردنية أمام غزو سوريا ،ما تسبب في غضب البعض عليه وحصاره ماليا .