
د.آمال جبور
في وقت يواجه به الاردن بتعقل وحذر تحولات المنطقة، وما انتجت من أزمات وملفات متداخلة ومتقاطعة بمصالح اقليمة ودولية، نقف لحظة ادراك أمام بيان صادر عن دائرة المخابرات العامة امس، تعلن احباطها مخططات كانت تهدف إلى المساس بالأمن الوطني وإثارة الفوضى والتخريب المادي داخل المملكة، لتأتي الضرورة هنا بعدم تساهل الدولة نهائيا مع كل من يتطاول على أمنها واستقرارها كون هذا الفعل هو الخيانة الحقيقية للوطن.
وحتى لا يستمر بعضهم في الغناء على هواه بين مصدق لرواية الدولة الرسمية وروايات أخرى تختلف ادبياتها السياسية والايدولوجية، وجب على الدولة الاردنية ان تحكم أقفالها امام من يريد أن يكون الاردن ساحة لخلط الأوراق وبعثرتها لتحقيق أهداف تبتعد اميالا واميال عن الوطن وأمنه واستقراره، في وقتٍ نجابه معركة وعي داخليا، تعمل على حرف بوصلة العقل الجمعي نحو عواطفه الضاربة نحو ماضيه المفوت، مع تَغْيبه لقراءة حقيقية ومنطقية لحاضره ومستقبله الذي لا يمكن فصله عن عالم جديد يتشكل، مبتعدا أكثر وأكثر بادراكه لمآلات التحولات الجيوسياسة المحيطة، التي تنهشها المصالح والتحالفات الإقليمية والدولية مشكلة تهديدا وجوديا، يجابهه الاردن بكل ما اتيح له من قوة سياسية ودبلوماسية وأمنية بحكمة وتعقل وتروي، بعد أن ساهمت جغرافيته بالدرجة الاولى على الانزلاق نحوها في اغلب ملفاتها.
غاب عن هؤلاء الوطن تماما لحظة عبورهم لأوهام المساس بسيادة الدولة ومؤسساتها، وشعبها العالق بمحيط ملتهب من كل حدب وصوب، ليمارسوا الخيانة الحقيقية للوطن، هذه الخيانة التي تَحمل في طياتها كل معاني الحقد و الانحطاط، ولا يمكنها بأي شكل أن تحقق اي قيمة إنسانية أو اخلاقية لقضايانا الوطنية أو القومية، إنما ببساطة هي فعل تكرر اخيرا، ليستهدف أمن وسلامة مجتمع بكامله، فما الجدوى من نشر الفوضى والتخريب،الا اذا كانت هذه العقول خارج إطار الانتماء لوطن منح حقوقا ومكتسبات، ليتم استغلالها بأدوات خبيثة بين الحين والاخر، وهي تستكثر على الاردن ثباته واستقراره وسط الفوضى والخراب واختراقات تشهدها المنطقة برمتها.
فعلا لا يمكننا قبول هذا العقل المدجج بالحقد تجاه الدولة، بخطابه وأفعاله ومواقفه، ليكون اداة هدم وتخريب في وقت نعمل جاهدين ومتأملين للعبور نحو تحديث وإصلاح منظومة الدولة السياسية والاقتصادية والادارية، لنتنفس الصعداء..
نعم، لا يمكن التساهل مع المساس بأمن الدولة ومؤسساتها، من أرضها إلى سمائها، وعلى الرغم من مواقفنا المتباينة نحو قضايانا الوطنية والقومية، الا انه لا يمكننا أن نحيد عن لغة واحدة وهي(الوطن) الذي يجمعنا لمواجهة التحديات والتربصات نحو مصير واحد.
سيظل الوطن هو سلاحنا الآمن والمستقر، بتماسك مكوناته وادواته الرسمية والامنية والشعبية، وسط معركة الوعي الحقيقية التي نخوضها بأدواتنا التربوية والاعلامية وحكمة قرارنا السياسي والدبلوماسي، و هذه هي الحقيقة التي يجب أن يستوعبها كل من يسعى للإضرار بوطننا، وسيستمر. الوطن، ونستمر نحن في مسيرة التقدم والبناء، ليبقى الأردن رمزاً للأمل والمستقبل، وعلمه خفاقا على الرغم من أنف من لا يستحق ان يحمل هويتنا الوطنية.