محمود الخطاطبة
كل القوانين والأعراف الدولية، فضلًا عن الإنسانية، «تلفظ» الجرائم، أيًا كان نوعها، وخصوصًا جرائم القتل، التي تزهق أرواحًا، وقبل ذلك كله ديننا الإسلامي الحنيف، الذي أساسه العدل والتسامح، شدد على رفض ذلك، وتوعد الذين يقدمون على فعل ذلك بعقوبة عظيمة.
نحن ضد «السلطة الأبوية»، في إزهاق روح أو تعنيف أو حرمان من تعليم، أو ما شابه ذلك، لكن في الوقت نفسه نحن مع «السلطة الأبوية»، في تأمين حياة كريمة وتعليم وصحة للذكور والإناث، على حد سواء من غير تمييز، حسب الإمكانات المتاحة.
يجب تسليط الضوء على «التعنيف»، الذي قد تتعرض له الأنثى، وسن تشريعات وإقرار قوانين، وتفعيل الموجود منها، بُغية القضاء على ذلك «العنف»، الذي ترتكبه قلة.. فعدم إعطاء الأنثى حقوقها وتهميش دورها في الحياة، والنظر إليها على أنها «عالة»، أمور يجب القضاء عليها.
هناك إسراف بعملية تسليط الأضواء على «العنف الأسري»، وبالتحديد ذلك الذي يقع على المرأة، التي هي الأم والأخت والابنة والزوجة.. فهذا «العنف» لم يصل إلى مرتبة الظاهرة، فالأرقام التي يتم الإفصاح عنها، ليست كبيرة، إذا ما تم مقارنتها بعدد سكان المملكة الذي تجاوز العشرة ملايين نسمة.
الحرية شيء عظيم، لكن على أن لا تتجاوز حدود المعقول والمنطق، وهذا مرتبط ارتباطًا وثيقًا بمبادئ الدين الإسلامي أولًا، ثم بعادات وتقاليد، صقلت الكثير من النساء الأردنيات، يُشار إليهن بالبنان.
الحرية والاستقلال بالشخصية، لا يعنيان أبدًا تشويه صورة أب بشكل خاص ومجتمع بشكل عام.. لا يعنيان أبدًا إنهاء ولاية أب، تقرها أعراف وتقاليد وقوانين سماوية وكذلك وضعية.
لمصلحة من يُراد التمرد على الأسرة، التي هي نواة المجتمع.. لا يقولن أحد إن هناك عادات وتقاليد عفا عليها الزمن. نعم هناك عادات وتقاليد، كانت سببًا في تخلفنا في بعض المفاصل، لكن هناك تقاليد وعادات، كانت وما تزال وستبقى سببًا رئيسًا في تماسك مجتمع، تُحاط به النيران من جميع جوانبه، ناهيك عن تلك الداخلية.
نعم عادات وتقاليد، تربينا عليها، تُجبرنا عندما تصعد أنثى إلى باص نقل عام، فإن هناك أكثر من شاب يقوم من مكانه ويجلسها، احترامًا وتقديرًا لها.. نعم نتمسك بعادات وتقاليد تنبذ تعرض الأنثى إلى أي إهانة أو شتيمة أو حتى التسبب لها بمضايقة.. تلك شيم أصيلة، يفتقدها أبناء كثير من الدول، متحضرة، هذه الشيم دومًا تتلازم مع أبناء الشعب الأردني، وإن كان هناك شواذ، إلا أن القاعدة هي الأساس في ذلك.
من الأخلاق والمبادئ والعادات والتقاليد، التي نشأنا عليها، هي نبذ استغلال جريمة فردية لارتكاب جرم أعظم، يتمثل بالتطاول على أساس وبنية الأسرة، التي هي بالأساس أهم ركيزة لبناء المجتمعات.
من الفجور وجلد الذات، أن يتم إطلاق وسم «المجتمع الأبوي القاتل». الجميع يؤيد اعتصامات تُطالب بحماية الفتيات من الاضطهاد الأسري، فهذا يعود بإيجابيات على الوطن ككل، فالظلم بأشكاله مرفوض.. وضد اعتصامات تضع السم في الدسم، ذات أجندات مدمرة تُنفذها منظمات، ميزتها تحريض على حرية غير معقولة وتشجيع على الخروج عن ضوابط ديننا الحنيف وثوابت وقيم أخلاقية.
لماذا مثلًا، لا تُنفذ اعتصامات للمطالبة بالقضاء على آفة المخدرات، والذي يؤكد تقرير أمني، صدر مؤخرًا، أن الأجهزة المعنية تتعامل كل 27 دقيقة مع جريمة مخدرات، سواء أكانت تجارة أم تعاطيا أم حيازة.
هناك الكثير من جرائم القتل تُرتكب، بدواع كثيرة، فلماذا لم نر اعتصامات بشأن ذلك؟، الخوف كل الخوف أنه يُراد من تلك الوقفات الوصول إلى نقطة نخسر معها كل شيء.