الدكتور محمد حسين المومني
الانتخابات في كل دول العالم تعد شأنا داخليا سياديا لا يجوز التدخل فيه. في عصر الثورة الاتصالية والانفتاح الإعلامي لم تعد هذه القاعدة ملتزما بها، فتقوم الدول باستخدام أدوات الاتصال العالمية في محاولة للتأثير بسلوك الناخبين، وقد رأينا التحقيقات والمعلومات حول محاولات تدخل روسيا والصين في سلوك الناخب الأميركي والأوروبي للتأثير بزيادة فرص النجاح للمرشح الذي يفضلون. انتبهت الدول ووسائل الاتصال مثل فيسبوك وتويتر لذلك، ووضعت ضوابط ستقلل من محاولات التأثير الخارجية لكنها لن تتمكن من منعها بشكل كامل.
الانتخابات الأميركية مهمة لغالبية دول ومناطق العالم، فرئيس البيت الأبيض شاء أم أبى مؤثر في غالبية الشؤون الدولية والإقليمية، وتؤثر سياساته بالملفات المختلفة على تباين درجة أهميتها. التباين الكبير في السياسات بين المرشحين يجعل الانتخابات المقبلة أهم من أي انتخابات ماضية. هذا الأمر ينطبق على كثير من الملفات الداخلية والخارجية، ويبدو التباين أكثر وضوحا في حالة المواقف من قضايا الشرق الأوسط. يظهر اختلاف واضح بين ترامب وبايدن بالمواقف من إيران وسياساتها الإقليمية والاتفاق النووي معها، والمواقف من عملية السلام وطريقة التعامل مع هذا الملف الشائك. مواقف المرشحين للانتخابات تجعل غالبية دول الإقليم تفضل ترامب على بايدن رغم أن حظوظ الأخير أفضل بالانتخابات لأسباب انتخابية أميركية داخلية.
نحن في الأردن في موضع متميز عندما يتعلق الأمر بمن يحكم البيت الأبيض. لنا علاقات متميزة مع كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وهي علاقات توصف بأنها مؤسسية تتجاوز الحسابات السياسية الآنية، وصلت لمرحلة التفاهم الاستراتيجي في العديد من الملفات.
علاقاتنا الاقتصادية وملف المساعدات، إضافة للعلاقات الدفاعية والأمنية، وتلك السياسية والدبلوماسية تؤشر بوضوح على درجة من التحالف والتفاهم تجعل العلاقات بين الأردن وأميركا ثابتة ومستدامة بصرف النظر عن من يجلس في البيت الأبيض. بناء هذه العلاقات جاء من قبل المؤسسات ذات العلاقة جعلتها تحظى بالثبات والديمومة. هذا كله أعطى أهمية خاصة لدرجة التأثير المتبادل والحوار الاستراتيجي بين البلدين، فرأي الأردن مهم ومؤثر في القرار الأميركي، لأنه رأي حليف موثوق أثبتت التجارب أنه الأقدر والأكثر احترافية في تصنيف الأخطار والتحديات وكيفية التعامل معها.
أسس لمكانة الأردن في أميركا وكل العالم درجة المصداقية والاحترام الكبير التي يحظى بها الملك في دوائر القرار في عواصم العالم المؤثرة. حكمة الملك وبصيرته، مصداقيته واحترافيته، وشجاعته بتسمية الأشياء بمسمياتها؛ جعلت منه القائد الذي يخطب الجميع سماع رأيه ونصيحته. أيا كانت الأحزاب الحاكمة في العواصم المؤثرة، يبقى الملك في أعلى قائمة قادة العالم التي ينشدون نصيحتها ويحترمونها، فالملك هو الأعلم بشؤون الإقليم، والأقدر على تعريف التحديات وكيفية مواجهتها، فترى الكافة ينصتون بإجلال ويتأثرون بنصيحة الملك لأنه الأعلم والأحكم وبنى مصداقية رفيعة يغبطه ويحسده عليها كثيرون.