فارس الحباشنة
تابعت أمس النطق في حكم قضية التبغ. واكثر ما يعنيني ان الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية «امن الدولة «. واضافة الى طي صفحة اكبر واخطر قضية تهرب وتزوير جمركي وضريبي في تاريخ الاردن.
وحقيقة ان الحكم سيذهب الى التاريخ، ليؤكد ان الاردن دولة حق وعدل، وان الدولة عادلة وقوية وحكيمة، وان محاكمة ومحاربة الفساد قضية وطنية حقيقة. ولعل قضية التبغ التي نطق في حكمها امس، ليست خبرا عاديا. وهكذا احكام واجراءات محاكمة من «امن الدولة» لحماية المال العام وصونه، الى جانب ذلك فانها رادع عدالة يقف في وجه كل ما تسول له نفسه ورغباته واطماعه بان يقترب ويمس المال العام وينتهك القانون ويستغل السلطة ويسخرها لمصالحه ونفوذه.
محاكمة تاريخية، وفشت غليل الاردنيين، ومن المؤكد انها رسمت خطا ودربا لمفاهيم كثيرة في الدولة الاردنية. ولا كبير الدولة والحق والدولة. وتقول ان الفاسدين مهما اتعلت مكانتهم وتعالوا على القانون، فانهم لن يقدروا ان يهربوا من عدالة ونزاهة القضاء الاردني.
وما قرأته من نطق الحكم امس، صور وتجليات لعدالة الدولة وقوتها وحكمتها. قرأت ان الاردن دولة مؤسسات وقانون، وان العدل هو مسير شؤون الحكم. وان المحاكمة صورة لانتصار العدالة، وانتصار على الفساد، وانتصار على مراكز نفوذ وقوى لا مرئية، وفي لحظات اصيبت بوهم انها فوق القانون والمساءلة والمحاسبة، وممنوع الاقتراب منها.
مشهد محاكمة التبغ امس تستحق اكثر من مقال، وتستحق ان تقرأ وينظر اليها بتدوير من كل الزوايا. وتستحق ان نقول شكرا للمحكمة العسكرية «امن الدولة»، ومن صاغوا بحكمة ودراية وجها مشرقا ونيرا وقويما للعدالة الاردنية وحماية المال العام، وضرب من تسول لهم انفسهم للاعتداء على المال العام واستغلال السلطة، وانتهاك القانون.
الاردن دولة عدل وقانون. وتميز الاردن عن جواره القريب والبعيد بانه دائما يقيم العدل ويطوق الفساد بهدوء وروية. والعدالة لا تسطر لمجرد الاشتباه، ولمجرد الظن، وردود الفعل والانطباع العام، ولا يسمح ان تنصب المحاكمات خارج اروقة المحاكم ودور العدل.
محاكمة قضية التبغ، واكثر ما قد يقال من دروسها وعبرها ايضا في الرد الصريح والجارح على المشككين في الثقة وزعزعة الثقة المتبادلة بالدولة والشعب. العدل قضية تشغل الناس، والوصول الى اقامة الدولة الوطنية لا بد ان يمر من العدل والحرية.
انا شخصيا سعيد، وشعرت كثيرا بالفخر والفرح، واتسع صدري بعدما سمعت في الحكم المنطوق في قضية التبغ. واعتبر ان العنوان اكبر من محاكمة، انه عنوان لدولة العدل والحق، وعنوان اعرض لقضاء عسكري اردني عادل.. وبل ما هو ابعد انها رسالة بكل الشفيرات بان الاردن دولة قوية، وان لا احد اقوى واكبر من الدولة، ومهما اكتنز من اموال في البنوك والخزائن، وملك من السلطة والنفوذ.
وبصدق..هذا هو الاردن الذي نريد ونحب ونعشق ونخاف عليه.