أ. د. بـــــــلال أبوالهــدى
ولد برنارد لويس في لندن- بريطانيا في 31/5/1916 لعائلة يهودية متوسطة الطبقة، وأراد والده أن يكون محاميا، إلا انه درس التاريخ الإسلامي في جامعات بريطانيا وفرنسا وتخرج من جامعة لندن عام 1936 وعمل فيها أستاذا مساعدا في قسم التاريخ في كلية الدراسات الإسلامية والشرقية عام 1938 واصبح مؤرخا في التاريخ الإسلامي وتاريخ الدولة العثمانية. وإستمر في العمل في جامعة لندن في كلية الدراسات الشرق أوسطية والأفريقية حتى عام 1949. تتلمذ برنارد لويس على أيدي معلمه اليهودي ليون شالوم كريديتور صاحب الأثر الأكبر في تكوين شخصيته وتوجيه تركيزه إلى اليهودية والإسلام والتاريخ، فأصبح مؤرخا. وعلمه شالوم كريديتور اللغتين العبرية والآرامية، ثم درس اللاتينية واليونانية القديمة والفرنسية والألمانية. وعمل خلال الحرب العالمية الثانية في الاستخبارات البريطانية في الشرق الأوسط. حصل على الدكتوراه الفخرية من كل من جامعة تل أبيب والجامعة العبرية وجامعة حيفا في الكيان الصهيوني. سافر إلى أمريكا وعمل استاذا محاضرا وفخريا في جامعة برنستون في أميريكا في السبعينات وحصل على الجنسية الأميركية عام 1982. وعمل قي جامعة كورنيل عام 1986. من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية، تقوم هذه الأيام بتنفيذ مخططا خبيثا إشترك في رسمه بصورة منفردة، الثلاثي الصهيوني زيبجنيو بريجنسكي، برنارد لويس، وناتان شارانسكي، والذي يهدف لتفتيت الدول العربية بعد تفتيت سايكس بيكو. في عام 1980 طرح مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق زيبجنيو بريجنسكي تصورا يقضي، بأن على أمريكا إشعال المزيد من الحروب، من أجل إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، خلافا لما قررته اتفاقية سايكس-بيكو. جاء ذلك في مقال له نشر في مجلة جلوبال ريسيرج بعنوان ” الهيمنة قديمة قدم التاريخ “. ترافق طرح بريجنسكي هذا، مع المشروع الذي قدمه المفكر والمؤرخ الصهيوني برنارد لويس إلى الإدارة الأمريكية، والذي تضمن تقسيم الشرق الأوسط وفق العرق والدين. وفي عام 1993 وافق الكونجرس الأمريكي على ذلك المشروع، وتم إدراجه في برنامج السياسة الأمريكية للسنوات اللاحقة. ويهدف هذا المشروع إلى خلق الفوضى والعنف، وعدم الاستقرارع في دول المنطقة، وبما يؤدي إلى إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، وفقا للمصالح الأمريكية الإستراتيجية.
وفي مؤتمر صحفي وصفت كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية، أن ما جري في لبنان خلال العقد الأول من هذا القرن من اعتداءات إسرائيلية وتدمير للبنية التحتية، هو بمثابة آلام ولادة الشرق الأوسط الجديد ثم أضافت قائلة : ومهما فعلنا فإننا متأكدون بأننا ندفع نحو شرق أوسط جديد ولا عودة إلى القديم. وهذا ما ينسجم مع دعوة بريجنسكي منذ الحادي عشر من سبتمبر، في إعادة تشكيل الوطن العربي على شكل كانتونات عرقية ودينية وطائفية، بما يسمح للكيان الصهيوني أن يتحكم بدول المنطقة. يقول الوزير الصهيوني ناتان شارانسكي والملقب بنبي الصهيونية: أن الإسلام حركة إرهابية لا تهدد إسرائيل فقط، وإنما تهدد العالم الغربي بكامله. ويطالب أمريكا بأن تدفع المنطقة إلى الاقتتال فيما بينها كطوائف، وزرع الفتنة بين الدول العربية. ولهذا أظهرت أمريكا رضاها عن الربيع العربي وتحالفت مع بعض القوى والجماعات في المنطقة للقيام بذلك الدور نيابة عنها. وعند العودة إلى عام 1991 حيث انتهاء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية، نجد بأن الأخيرة راحت تبحث عن عدو جديد، لأنها لا تستطيع الحياة بدون عدو تتعامل معه وتتحداه. فتوجهت أمريكا بتأثير من الفكر الصهيوني إلى معاداة الدين الإسلامي، باعتباره فلسفة حياة يعادي الفكر الغربي. وعلى ضوء ذلك ظهر التطاول الأمريكي على الإسلام فيما بعد، من خلال محاولة هدم العقيدة الدينية لملايين المسلمين في العالم، وإلغاء بعض آيات القرآن ذات المساس باليهود أوالحث على الجهاد، أو من خلال إصدار قرآن أمريكي بفكر صهيوني، أسمته “فرقان الحق” وهو في الواقع بعيد عن الحق. وعندما عجزت في تنفيذ هدفها والمساس بالدين الإسلامي، اتجهت إلى هدم المثل والقيم والموروث الحضاري للأمة. عن طريق استحداث مصطلح ” الفوضى الخلاقة” من قبل ناتان شارانسكي لكي يتم التعامل مع منطقة الشرق الأوسط، بما يتناسب ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية. وتتمحور فكرته حول نقطة هامة هي: أن من يقدر على صنع الفوضى ومن ثم إدارتها، سيصل إلى حالة جديدة تحقق طموحاته. وبناء على ذلك طرحت كوندليزا رايس مبادرة ” الشرق الأوسط الجديد ” في تل أبيب لأول مرة بصورة رسمية في عام 2006، لتحقيق الأهداف التالية: 1. إنشاء أنظمة سياسية ضعيفة تبدو للوهلة الأولى أنها ديمقراطية، ولكنها تدين بالولاء للولايات المتحدة الأمريكية، وتسعى لإضعاف الدول العربية وتسهيل السيطرة عليها، لكي تكون إسرائيل هي القوة الإقليمية العظمى في المنطقة. 2. تفعيل العصبيات وتغذيتها بهدف ضرب الدولة بجميع مؤسساتها، وجعل الولاءات لأشخاص وقبائل وطوائف ومذاهب وأديان، بدل أن يكون الولاء للوطن أولا وأخيرا. 3. ضرب الطوائف الإسلامية مع بعضها البعض وتمزيق الإسلام من الداخل، ومن ثم ضرب الإسلام بالمسيحية والقوميات الأخرى، لكي تحقق الولايات المتحدة الأمريكية عملية المشاغلة، وخلق الأزمات الداخلية وإدامة هيمنتها على المنطقة. وها نحن في الشرق الأوسط ما زلنا نعاني من هذا المخطط الخبيث حتى وقتنا الحاضر وربما في المستقبل.