مزيد من التخفيف للحظر د.محمد المومني عقلية محافظة ومترددة تلك المعنية في قراراتها وتوصياتها بالاقتصاد، تعمل على فرضية أن إنهاء الفيروس هو فقط الأولوية حتى لو كلف ذلك خسائر جمّة وضرب الاقتصاد في مقتل. حتى الصين في إجراءات الحظر كانت أكثر مرونة من ذلك. فرضت الصين حظرا محكما قاسيا عندما تفشى المرض وزادت أعداد الضحايا بشكل تطلب بناء مستشفيات جديدة، أما نحن ففرضنا أنواعا من الحظر شبيهة بتلك التي في الصين رغم أن عدد الإصابات والضحايا بالنسبة والتناسب قليلة جدا. دول حولنا أعداد المصابين فيها مئات أضعاف الموجودة عندنا ومع ذلك إجراءات الحظر فيها أقل وفتحت غالب القطاعات الاقتصادية. بصراحة، درجة تفشي الفيروس بالأردن لا تتناسب إطلاقا مع أنواع الحظر المطبقة. نفهم هذه الدرجة من الإغلاق والحد من الحركة في حال تفشى المرض واقترب من الخروج عن السيطرة، أما أن نبقى في هذه الحالة من الخنق لنصل لصفر إصابات فهذا ضرب من الخيال ومؤذ جدا للاقتصاد. يعزز هذا الانطباع السائد ما يقوله أعضاء في لجنة الأوبئة. يصرحون بأن توصياتهم ليست بالضرورة ما يتم تطبيقه فهم لم يوصوا مثلا بحظر في يومي الجمعة والسبت، وأنهم لا يرون القيمة الصحية والعلمية للحظر الشامل بهذه الأيام لأن فرق التقصي تقوم بعملها حتى لو لم يكن هناك حظر شامل. الأجواء السلبية تزداد بسبب عدم فعالية منصات إصدار التصاريح التي خذلت كثيرا من الحالات الإنسانية وهي تقترب لتصبح مثل قصة الخبز. المطلوب ببساطة إحقاق التوازن ما بين الصحي والاقتصادي والإنساني. ما يحدث الآن تغول كبير وغير مفهوم للإجراءات الصحية على كافة الأبعاد الأخرى وكأن من يتخذ القرار آخر اهتماماته التخفيف عن الناس. الدولة نجحت بالسيطرة على الوباء بدليل عدد حالات الإصابة القليل، لذا يجب أن يترجم هذا النجاح وينعكس على مزيد من الانفتاح للاقتصاد وأن تعود الحياة لطبيعتها ضمن ضوابط صحية وتوازن اجتماعي واقتصادي يجني ثمرات النجاح الصحي. الثقة التي أعطاها الناس للجهات الرسمية والتفافهم وتعاضدهم ليست شيكا على بياض، ولا يجب أن تفهم أنها كذلك، وعلى الجهات الرسمية أن تدرك أن الناس في ضنك شديد وهم قابلون لذلك ما دام المنطق خلفه مقنعا وواضحا، أما وقد وصلنا لأعداد إصابات أقل من خمسة يوميا ومعظمها تأتي من خارج الأردن فلا منطق من أن نستمر بهذه الدرجة من الإغلاق للبلد، ففي ذلك مجازفة اقتصادية واجتماعية كبيرة نحن غير مضطرين لها. لا زلت ممن يعتقدون أن الأداء الأمني العملياتي والإعلامي المتميز في إدارة هذه الأزمة لا يقابله أداء اقتصادي على نفس السوية، ولا أشعر أن هناك إدراكا لحجم الضيق الذي فيه الناس والاقتصاد. نحتاج اليوم وقبل الغد أن نفتح الاقتصاد ونقلل من حجم الحظر والإغلاق، فإن ازداد تفشي الفيروس لا قدر الله نعود ونزيد حجم الإغلاق، أما أن يستمر الإغلاق بهذه الدرجة رغم النجاح بالسيطرة على الوباء فهو الأمر الذي يجده عدد متزايد من الناس أنه غير منطقي أو مفهوم.