سعيد الصالحي
الحكومة في الأردن تتقاضى رسم التلفزيون منذ العام 1979, والحكومة في جمهورية مصر العربية تستوفي رسوم الراديو منذ ستينيات القرن الماضي، وقبل عدة أيام أطلت علينا الحكومة بأنها ستفرض ضريبة على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، فعلى الفور قمت بحذف الأصدقاء من صفحتي على الفيس بوك حتى لا أدفع ضريبة الصداقة مرتين مرة برغبتي لمن يستحق ومرة أخرى مرغما، الاقتراح الذي أنا بصدد تقديمه اليوم من المفترض أن يفتح أمامي أبواب وشبابيك الحكومة باعتباري كاتب ومفكر وسأحظى بتقدير كبير من بعض المسؤولين ولن أجني من بعضهم الآخر سوى الغيرة.
أعود لاقتراحي العبقري والذي سينعش خزائن الحكومة برسوم شهرية أو سنوية منتظمة، فالراديو والتلفزيون ومواقع التواصل أصبحت “دقة قديمة”، اليوم يجب أن نحصل رسوما على استخدام الفلاشة – ذاكرة التخزين المؤقتة- لأن أغلبنا يستخدمها للاستماع الى الموسيقى أو مشاهدة المحتويات الرقمية دون الإهتمام بحقوق الملكية أو سياسات النشر والتوزيع لهذه الأغنية أو لهذا المحتوى الرقمي، ومن هنا فأنني أتمنى على كافة الحكومات العربية أن تفرض هذا الرسم المادي، وليس الهدف لا سمح الله تحصيل الأموال بقدر ما هو للحد من هذه الظاهرة التي باتت تنعكس سلبا على قطاع الترفيه في عالمنا العربي، وتضر بالمنتجين ومعظم العاملين في هذا القطاع الحيوي.
اذا فالسبب المقنع متوفر، والشريحة التي ستدفع فيها بركة، والمبررون لهذا القرار متوفرون وأنا أول واحد فيهم، والفلاشة تستخدم في الرفاهيات وليس لرفع كفاءة ذاكرتنا كمواطنين، فعلى الحكومة الإسراع فالتأخيرة هذه المرة ليس فيها خيرة، وعلى الحكومة تقديم مشروع قانون الفلاشة على فلاشة للنواب، حتى يقروا القانون بأسرع وقت ممكن وأقل عدد من الجلسات، وأن يعيدوا القانون على فلاشة حتى يتم تنفيذه.
أنا صاحب الفكرة وصاحب الإقتراح، ولكن دعوني أفكر للحظة قبل أن أغوص في فوائد وسلبيات إقتراحي، ألا يوجد طرق أخرى لرفد الخزائن إلا بالضرائب والرسوم؟ أم أنها الطريقة الأسهل التي ابتدعها الإنسان منذ عهد الماموث ولم تنقرض حتى يومنا هذا مثلما انقرض هو؟ أليس فتح الأسواق وزيادة الانتاج ودعم بعض القطاعات والصناعات وزيادة الصادرات وتوفير فرص العمل سيعود على الخزائن بعوائد أفضل؟ وقد طبقت هذه القواعد على بيتي الصغير فلم أعد مضطرا لفرض الرسوم على المصروف اليومي لزوجي أو بناتي وابني، ولم أفرض رسوما على الهاتف والتلفزيون والانترنت، ولم أفرض رسوما على هواياتهم الجميلة من رسم وكتابة واشغال يدوية، بل شجعتهم على العمل والانتاجية من خلال رفع درجة محبتهم للمنزل ولوالدتهم ولي على اعتبارنا الهيئة التنفيذية للمنزل وبوصفي “المسؤول المنزلي” الذي لم يختاروه، ولكنهم وجدوه ومن ثم أحبوه لما يقدمه لهم من تضحية ونصح وقدوة حسنة، وكذلك عززت فيهم نبذ الشكوى بكل أنواعها وأشكالها، لأن الشكوى تفترض وجود طرفين أو أكثر والشاكي هو الأضعف، فيجب أن نكون كلنا أقوياء ولا نشكوا ولا نتذمر بل نستقوي بمحبتنا على كل المشاكل.
وعلى الرغم مما قدمت بين ايديكم، فأظن أن اقتراحي المتعلق برسوم الفلاشة سيجد أذنا وربما آذانا صاغية، أما باقي الكلام فلن يعدو أكثر من كونه حبر على ورق وكلام كباقي الكلام الذي يشغل الفضاء الالكتروني.
وخاتمة القول عاملونا كابناء حتى نبجلكم كآباء ومعلمين