فارس الحباشنة
الغابات والثورة الحرجية والاشجار في الاردن ليست بخير، ولا على ما يرام. عندنا في البلاد «اشوية» اشجار، وكل يوم نخسر عددا لا باس به منها. اشجار تنحرق واشجار تقلع ويسطو عليها قراصنة التحطيب، واشجار يتعدى عليها العمران الاسمنتي والتخطيط العشوائي للمدن، واشجار تموت من قلة الرعاية والاهتمام وبسبب شح المياه وارتفاع منسوب التلوث والانحباس الحراري.
وكيف لا نفكر في الغابات والثورة الحرجية والاشجار ؟ وكما يبدو ان هناك من يريد ان يكون الاردن مساحة جرداء، خالية من الغابات والاشجار، وبلا غطاء اخضر، ارض يباب قاحطة، ولا يفوتنا فرصة التذكير ان اشجارا عمرها مئات السنيين في اللويبدة جراء تقطيعها قبل ايام لاقامة عمارة سكنية، والكارثة تبدو اكبر اذا ما راجعنا ارقام واحصاءات وزارة الزراعة ورصدنا عدد الاشجار الحرجية والمثمرة التي يجري زراعتها سنويا.
المؤامرة على الغابات والثورة الحرجية تبدا تتضح خيوطها من اول ما يصيب مشتل «عين جنة» في دبين وهو من اقدم المشاتل في الاردن. اهمال وقلة رعاية واهتمام رسمي. المشتل كان ينتج سنويا ما بين 300 الف الى نصف مليون شتلة حرجية، وفيما الان طاقته الانتاجية لا تتعدى عشرة الاف شتلة سنويا , المشتل كان خلية يشغل نحو مئة عامل يوميا، فيما اليوم عدد عماله لا يتجاوز عاملين اثنين.
عقول عدوة للطبيعة. معظم الغابات في الشمال والجنوب، والاشجار الحرجية التي نتمتع في رؤيتها على الطرق مدينون باكثرها للشهيد وصفي التل ومحمد نويران النهار مدير الحراج في وزارة الزراعة في ستينات وسبعينات القرن الماضي.
مشتل عين جنة الذي يقاوم الموت الان. كان من افضل الاماكن الحرجية للاستجمام والاستمتاع بالطبيعة الاردنية عند وصفي التل وحابس المجالي وعاكف الفايز. ولا ينقطعون عن زيارته اسبوعيا. ولم ينقطع الاهتمام الحكومي بالمشتل بعد وصفي التل، وكان وزراء الزراعة يقومون بزيارة المشتل بشكل دوري، وبراي كثيرين كان المشتل يعتبر رئة الاردن،و باروميتر الحياة الطبيعية في بلادنا.
مشتل عين جنة يمكن ان يعلن اغلاقه باي لحظة. وتذكروا كلامي هنا. ويكون ذلك من الاخطاء الكبرى بحق الثروة الحرجية. في زمن كورونا، اعرف ان لا احد متنبه او مهتم بخبر او مقال عن غابة وشجرة وثروة حرجية. ولكن، ان كان خبراء كورونا في الاردن لا يعلمون ان الطبيعة النقية والشجر والهواء النقي اكبر عدو للفايروس.
لا تتركوا مشتل «عين جنة» والغابات والثورة الحرجية في بلادنا تموت. ولو ان الحكومة تفتح خدمة العلم وابواب التطوع الاجتماعي وغيرها لزراعة الاشجار، ازرعوا ما استطعتم من شجر. اتركوا طلاب المدارس والجامعات يشمرون عن سواعدهم ويقومون بزراعة الاشجار. اعطوا الطبيعة فكرة بديلة في العقل الجمعوي : تربويا واخلاقيا واقتصاديا.
موت الاشجار مشهد سريالي، ويعني ماسويا فيما بعد موت الانسان. من محنة مشتل «عين جنة « الى الغابات والغطاء الاخضر في بلادنا، فان الازمة تتفجر صعودا نحو حالة من اليباب والتصحر والجفاف تصيب النفوس والقلوب قبل الطبيعة. ولذا فلا تتركونا نخسر كل المعارك في حياتنا، لنحمِ الطبيعة والشجر والغابات والثورة الحرجية باقل واجب وطني وانساني.