د.سفاح الصبح
عندما سأل أستاذ علم الأحياء طلابه الجامعيين : ما السبيل إلى مكافحة الصراصير ؟! أخذت حينها الإجابات تتوالى على الأستاذ تباعا : ‘بالبخاخات .. بالبودرات .. بالكاز ‘ .. بالمصائد .. بالدهس .. بالقذائف .. بالمدافع .. برفع ضريبة دخول الصرصور للمنزل أو رفع رسوم إصدار جوازات سفرها لمنعها من الحركة .. و مع كل إجابة يهز الأستاذ رأسه قائلا : لا تجدي هذي الطريقة .. و سوف ينجو الصرصور منها و يجد طريقة للعودة .
و حين استسلم الطلاب أعادوا السؤال إلى أستاذهم من جديد : ما السبيل إلى مكافحة الصرصور إذن : فقال لهم : السبيل إلى مكافحة الصرصور هو فقط بالتعايش مع الصرصور ..
ومنذ ذلك الحين كلما سمعت كلمة مكافحة أتذكر مباشرة حكاية الصرصور و معادلة التعايش معه .. كما أتذكر أيضا بأن كلمة مكافحة شيء ما تعني بالضرورة بأن هذا الشيء يحتل مكانة استراتيجية و يأخذ وضعا مريحا وأنه بمأمن عن أي هجوم وما الضربات التي يتلقاها إلا دغدغات لتحريك عضلاته وتنشيطها من جديد .
ولإثبات نظريتي البائسة إليكم بمكافحة الفساد و التي تظهر عند أول اختبار تحليلي بوضوح هو بنائها الذري المشترك مع مكافحة الصراصير السابقة سيئت الصيت ..
فكم كافحنا الفساد بمؤسساتنا النيابية .. والقضائية .. و التربوية .. والإعلامية .. والفزعوية .. و النتيجة كانت تكيف الفساد مع العلاج الضعيف من جهة و مع المكافح الأضعف من جهة أخرى ليعود الفساد بعدها أقوى في كل حين ..
لقد انتصر الصرصور في الأولى و انتصر الفساد في الثانية .. و هزمت المكافحة في المرتين السابقتين : مكافحة الصرصور .. و مكافحة الفساد . و لينذر معها بولادة عهد جديد عنوانه : مكافحة مكافحة الصرصور .. ومكافحة مكافحةالفساد ..
وحتى نحقق هذا الهدف ونزيل هذا الوباء الذي لم نسمع به حتى عهد قريب – نترحم عليه – وجب علينا أن نجمع شمل الصرصور و الفساد في اسم واحد هو : مكافحة فساد الصراصير .. أو هو : مكافحة صراصير الفساد !!
1 تعليق
عروب السويلم
على الوجع في هذا الكلام ابدعت دكتور سفاح