فارس الحباشنة
واثناء كتابتي لمقال عن قضية فساد خطر على بالي سوال ، كم اطنان من الاوراق تم استهلاكها في تسويد قضايا وظواهر الفساد .
و كم ان اوراقا تطايرت في السماء ، ولو انها اطلقت في الهواء مرة واحدة لغيرت من لون سماء عمان ، وحجبت سطوع الشمس وشعاعها لساعات .
وكم ان الاعلام استهلك من حبر واوراق في نشر قضايا الفساد ؟ ولو رجعنا الى ارشيف وسجالات الصحف والمواقع الاخبارية ، وبحثنا في جوجل لداهمتنا مئات الاف من الاخبار والروابط الاخبارية للفساد وقضاياه .
ولو وسعنا السؤال ، ووسعنا الخيال ، فكم من لسان نطق بكلمة فساد ، وكم من قضية فساد تم تدوالها على السنة الاردنيين ، وكم امضى الاردنيون وسهروا ، وهم يتحدثون ويتسامرون في استهلاك قضايا الفساد؟
العجب العجاب ، وما قد يبطل العجب في هذا السياق . في علوم البيولوجيا اثبت العلماء ان الكائنات الحية تتاقلم وتتكيف مع المبيدات ، وان المبيدات لم تعد تميت الاحياء .
الفساد كلما زاد الكلام عنه اصبح يضحك ويقهقه، وكلما زاد الكلام عنه اصبح يشعر بالامان ، والحماية . واكثر من ذلك ، وفي مقاييس كثيرة يعشر الفاسدون بطول العمر .
و في المقاييس ذاته ، كم شتمنا كورونا ، وكلام يكفي ليقتل الفايروس ويلعنه ، ويحمي المجتمع ذاتيا من انتشاره . وكلما زادت لعنة كورونا استفحل الفايروس واعادة انتاج نفسه ، وتمحور وتجدد .
و انصح لانجاح الحرب على الفساد بان يوقف الحديث عن الفساد والفاسدين .. ولكي نقطع التغذية عن الفساد ، وليعزل الفاسدون دون أكل وشراب تغذية عكسية من كلام الناس وحبر الاعلام الجاف .
فكل وصفات المناعة والمقاومة والردع يبدو انها فشلت ، ولم تنجح في لعنة وتابيد محميات الفساد .