فارس الحباشنة
قبل ايام بعد تكرار للدعوة من الجهة المنظمة، حضرت حفلا لاطلاق منصة ابداع .
اتردد كثيرا في حضور حفلات اشهار منصات ودواوين شعر وروايات ومذكرات لسياسيين اردنيين .
وقدر لي ان اجلس على طاولة بعيدة عن « الستيج «، ويجلس عليها موظفو جامعات حكومية . وكان حديثهم ينصب عن العلاوات والتامين الصحي، والاسكان والصندوق الاجتماعي، والسؤال الحرج ان رئيس الجامعة باق ام مروح .
سمعت كلاما كثيرا عن جامعات اردنية، وسمعت اسرارا خطيرة عن رؤساء جامعات حكومية وابتعاث وتعيينات استثنائية وترقيات غير عادلة
وقانونية، ومياومات وامتيازات خاصة ل»قلة قليلة» من موظفي جامعات، وازمة في ميزانية الرواتب، والخوف من نبش التقارير الرقابية وديوان المحاسبة واحالة قضايا الى هئية النزاهة الشفافية، وواسطات وتدخلات نواب .
لم ينصت احد منهم لسماع كلمة واحدة من حديث مطلقي المنصة، ولا الحوار والنقاش الذي دار لاحقا بعد اعلان اشهار المنصة .
و على الطاولة القريبة المجاورة كان يجلس وزراء سابقون ورؤساء جامعات، واثار انتباهي انشغالهم الشديد في الصور، وتبادل التصوير فرادى ودبل ومجموعين .
و قاموا بتبادل الصور على» الواتس اب «، واحدهم على الفور نشرها حالة على الواتس اب وانستغرام، وكتب تعليقا على الصورة اخطاء باسم الحفل والدعوة التي يشارك بها .
و في مساء ذات اليوم شدني الفضول الصحفي على متابعة صفحات اصحاب المعالي والعطوفة على السويشل ميديا، واذا انهم نشروا صورهم فردى ومجموعين على الفيسبوك والسويشل ميديا .. ويستقبلون رسائل من المعجبين والمتابعين .. منور، ويسعد هالطلة، وربطتك حلوة، وما شاء الله شباب، وليش ما اخذتونا معكم .
عنوان الحفل كان كبيرا،و دفاتر واوراق التعريف بالمنصة مكتوبة العربي والانلجيزي .. شاشات «الدتا شو» تعرض صفحات من الكلام الكبير عن الابداع والمعرفة والعلم والريادة، ولا احد من الجالسين والحضور ينصت لما يقولون ويعرضون، القاعة عجت بالوشوشة والهمس والكلام البيني، وكل طاولة لها نصيبها من الإزعاج.
في بداية الحفل استعمت لعرض قدمه، وكما يبدو مسؤول في المنصة .. شخصيا لست معنيا في كلامه عن اقتصاد الريادة والابداع ..و هذا الكلام .. ولكن ما اثار انتباهي انتهاك حرمة وقداسة اللغة العربية، ومزجها المشوهة بالانجليزية، واخطاء لغوية شنيعة في النحو والتركيب،وسلامة النطق .
لم اكمل حضور حفل اطلاق المنصة، وغادرت بعد الساعة الاولى .. حضرت جانبا من حوارية حول الابداع والريادة .. واستعمت لكلام مشاركين، صراحة دققت في الحوار،وصحفيا لا استطيع ان انقل منه جملة واحدة مفيدة ..لربما للوهلة الاولى المستمع والمتابع يظن ان هذا الكلام في بلاد « الواط واط «، كلاما هجينا وغريبا ومستوردا .
و في الحفل كنت اتابع عبر هاتفي الجوال الجدل اللامتناهي عن التعليم الوجاهي واون لاين، واخبارا
عن مدارس في غور الكرك والطفيلة بلا كهرباء، وانهيار لمباني مدارس في عجلون والمفرق، وموظفو جامعات يحتجون لتاخر دفع اجورهم ورفض ادارة الجامعة التزام في صرف حقوقهم المالية،وبيانات صادرة عن حملة ذبحتنونا عن الزام الطلاب بالدفع قبل التسجيل وغيرها من قضايا الطلاب الاجتماعية الملحة .
غاردت الحفل،وانا على ثقة تامة ان المشاركين تكلموا عن كل شيء الا الابداع الاردني فقد كان مسنيا ومستثنيا من كلامهم الكثير . وانا مؤمن ان الابداع يولد صدفة، وان المبدع لا يحتاج الى منصات واحتفالات لاشهاره .