اسعد العزوني
حبا الله الأردن بأرض خصبة ومن ضمنها طبعا الصحراء التي حوّلها مزارعونا الأشاوس إلى جنان خضراء يانعة ،وزرعوا فيها كافة أصناف الفواكه والخضروات،ولكن الزراعة في الأردن تعاني من الآفات البشرية التي تعمل جاهدة على عرقلة النهضة الزراعية في البلد،من خلال ترك المزارعين الأردنيين بدون غطاء وتحت رحمة الطبيعة القاسية في كثير من الحالات،وكأنه فرض على الأردنيين ترك أراضيهم “بور”،وإستهلاك المنتجات الزراعية الإسرائيلية التي لا ندري ماذا يرسل لنا الإسرائيليون من خلالها،تنفيذا لوصايا تلمود بابل ومنها:”أرسل لجارك الأمراض”؟
قبل الغوص في التفاصيل فإن المزراعين الأردنيين لا يقلون أهمية في دورهم الوطني ،عن أبناء القوات المسلحة التي تحفظ الأردن وتحميه من أي عدوان خارجي،ومعروف ان المزارعين الأردنيين مناط بهم توفير المنتجات الزراعية للمواطنين ،ولذلك أقترح تغيير إسم وزارة الزراعة إلى “وزارة الدفاع الزراعية”،وأن يتم تخصيص موازنة ضخمة لها لدعم المزارعين وتطوير العملية الزراعية،لتقوية موقف الأردن الصامد في وجه التغول الصهيوني المدعوم من قبل المراهقة السياسية في الخليج،الذين يؤيدون الكيان الصهيوني بضم الأغوار الفلسطينية المحاذية للأردن،لإلحاق الضرر بالأردن أولا قبل فلسطين،حتى يستحوذوا هم على السوق الأردنية بشكل كامل.
بعد تعرضنا لجائحة كورونا وبغض النظر عن هويتها وحقيقتها،أطلق جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين مبادرة ملكية مقدرة ،دعا فيها إلى النهوض بالقطاع الزراعي،وإستبشرنا خيرا بأن الحكومة ستهب مجتمعة لتنفيذ هذه المبادرة الملكية السامية،خاصة ونحن في ظرف صعب من كافة النواحي ،نتيجة للشروع في تنفيذ صفقة القرن السعودية التي تبناها الرئيس المقاول ترمب لقاء 460 مليار دولار عدا ونقدا لهفها من الرياض،وقلنا أننا سوف لن نسمع أي شكوى من المزارعين عن سوء أوضاعهم ،لأن مبادرة جلالة الملك ستحل كافة مشاكلهم وتضع الأردن في الإتجاه الإنتاجي الصحيح،من خلال رعاية المزارعين ومساعدتهم في تصريف منتجاتهم ،وبناء المصانع اللازمة لإستيعاب الفائض الزراعي في الأردن الذي يكون مصيره القمامة أو الأرض،ولا أريد القول ان علينا بعث طرق أمهاتنا وجداتنا في طبخ الفاكهة والخضروات وتجفيفها للتخزين”المونة” من جديد ،بل أقول ان علينا الإستفادة من التجربة التركية في هذا المجال.
أحبطتنا الحكومة كالمعتاد،ولم نلمس أي جهد ولو خفي لتنفيذ مبادرة جلالة الملك الزراعية،وأحبطنا أكثر إعلان لتجمع المزراعين الأردنيين بالدعوة لإعتصام ،إحتجاجا على سياسات الحكومة الزراعية التي تكرس الربح للوسطاء ،وتحرم المزارع من الإستفادة من زراعته لأنه يضطر للبيع بثمن بخس يفرضه عليه الوسطاء،وتثقل كاهل المواطن المنهك أصلا لأنه يشتري المنتج بأسعار خيالية.
لا يسعنا إلا التوجه لجلالة الملك كي يظهر غضبة ملكية لعدم قيام الحكومة بتنفيذ مبادرته الزراعية،وربما يقود ذلك إلى فتح ملف تقصيرات أخرى ،حالت دون نهضة الأردن وإدراجه في قائمة المنتجين الذين يستغلون إمكانياتهم وقدراتهم لصالحهم ولصالح وطنهم.