د.حسام العتوم
تطلق روسيا الإتحادية مصطلح “الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني” على الحدث و الأحداث و الحروب الإسرائيلية – الفلسطينية , والتي هي في واقع الحال إسرائيلية – عربية منذ شروع الصهيونية بالإلتفاف على عصبة الأمم المتحدة عام 1947 و محاولة اقناع العرب بالقبول بقرار التقسيم , وهو الذي رفضه العرب وارادت إسرائيل كما هو واضح لاحقا تحويل مشروع الدولة العربية الى عبرية من جديد. والمفارقة العجيبة هنا هي أن شريحة من انساننا في وطننا العربي يحلو لها الترويج بأن الأتحاد السوفيتي اعترف بإسرائيل أولا متناسين اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بحكومة إسرائيل المؤقتة التي سبقت قيام دولة إسرائيل رسميا , و بلغ عدد دول العالم الاعضاء في الأمم المتحدة التي اعترفت بإسرائيل 164 دولة من اصل 192 دولة . والواجب تأكيده هنا بأن الأعتراف إنحصر بحدود عام 1948 فقط . و انتهجت إسرائيل بعد ذلك سياسة إحتلالية إستيطانية شملت اراضي عربية في فلسطين , ومنها القدس و غزة عام 1967 , ثم انسحبت من غزة عام 2005 , و في الجولان ( الهضبة العربية السورية ) واعلنت أسرلتها بالتعاون مع أمريكا عام 2019 . و ننتظر من الرئيس جو بايدن التراجع عن توقيع بلاده على الجولان على غرار العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني , وفي سيناء المصرية التي خرجت منها بعد معاهدة كامب ديفيد و زيارة السادات لإسرائيل عام 1979 , وفي لبنان عام 1982 وحتى عام 2000 , و ابقت على مزارع و تلال شبعا تحت احتلالها.
وقبل ولوجي هنا الى صلب موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من الحدث الفلسطيني – الإسرائيلي الاخير الفت الإنتباه للعلاقات الإستراتيجية المتينة بين روسيا و إسرائيل و بالعكس , و توازنها بين روسيا و العرب , و تميزها عن علاقات أمريكا بإسرائيل و العرب . و روسيا في السياسة تقف مع العرب و مع القضية الفلسطينية بوضوح و فوق الطاولة , فهي علنا مع قيام دولة فلسطين و عاصمتها القدس الشرقية , و تساند الوصاية الأردنية الهاشمية على المقدسات الأسلامية و المسيحية في القدس , و تدعو إسرائيل للعودة لحدود الرابع من حزيران لعام 1967 , ولاتعارض حق العودة و التعويض , و رفضت ( صفقة القرن ) المحبطة لمشروع حل الدولتين العادل و الذي لا ينسجم مع حل الدولة الواحدة العنصري , و تؤازر تجميد المستوطنات اليهودية غير الشرعية فوق الاراضي الفلسطينية و العربية عموما , وسبق لها أي روسيا أن عارضت محاولة إسرائيل ضم الغور الفلسطيني و شمال البحر الميت عام 2019 . و أدانت الأختراقات الإسرائيلية للأجواء السورية أكثر من مرة , و التي هدفت لملاحقة إنتشار إيران و خبرائها , و مستشاريها , و مليشياتها , و حزب الله فوق الأراضي السورية ,لكن إسرائيل كما أمريكا تقفز فوق القانون الدولي و سياج الأمم المتحدة و مجلس الأمن و المحكمة الدولية كلما أدينت بسب سيطرة صهيونيتها على القرار العالمي من وسط مؤسسة ( الأيباك ) , و ( الكونغرس ) , و ( البنتاغون ) . ولها حضور يهودي قيادي داخل قصر الكرملين الرئاسي , و في أوروبا , و الصين , وفي الغرف القيادية لمعظم دول العالم الهامة .
وكما أن إسرائيل دولة إحتلال و إستيطان و عدوان , تعمل ذات الوقت على نشر معاهدات سلامها وسط العرب عبر مصر, و الأردن , و الأمارات , و البحرين, و المغرب , وتقيم علاقات مع قطر , و تخطط لمزيد من مثل هكذا معاهدات مع العرب , و عينها على حماية أمنها , و تتمسك بعدم الأنسحاب من حدود الرابع من حزيران لعام 1967 , و بأسرلة الجولان ( الهضبة العربية السورية ) , و بالسيطرة على مزارع شبعا اللبنانية . و يرفض العرب مجتمعين في المقابل على المستويين الشعبي و الأعلامي التطبيع المبكر مع الكيان الصهيوني الرافض لمبادرة السلام العربية في بيروت عام 2002 التي قادها أمير وولي عهد المملكة العربية السعودية عبد الله بن عبد العزيز الملك لاحقا , و التي دعت إسرائيل لسلام شامل مقابل إنسحاب شامل من كافة الأراضي العربية المحتلة عام 1967 . كتب جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين ” حفظه الله ” في مؤلفه ” فرصتنا الأخيرة – السعي نحو السلام في زمن الخطر. ص 408 ” إن حل الدولتين مع الفلسطينيين يعني في جوهره حلا مع سبع و خمسين دولة يضمن لإسرائيل علاقات طبيعية مع كل الدول العربية و الإسلامية التي تدعم جميعها المبادرة العربية للسلام . و خبر تصدر جريدة الرأي الأردنية الغراء عنوانه على الصفحة الأولى بتاريخ 24 ايار الجاري ” الملك : كل إمكانياتنا في خدمة فلسطين . و دعوة حديثة لجلالته لهدنة دائمة تدفع بإتجاه حل سياسي يحقق للفلسطينيين حقوقهم المشروعة ( عمان . نت 24 ايار 2021 ) .
و تصريح الرئيس الروسي بوتين لإعلام بلاده و العالمي بشأن العنف الذي جرى بين الإسرئيليين و الفلسطينيين في الشيخ جراح و المسجد الأقصى في القدس و في غزة عندما قال بتاريخ 14 ايار 2021 بأن ” النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني بشكل مباشر يخص مصالحنا الأمنية , و يجري على مقربة من حدودنا ” جاء مدويا و لم أسمع شخصيا أكثر منه قوة من قبل على المستوى الدولي , وواصل بوتين دعوته لوقف العنف الدائر بينمها ( RT ) . و لقاء لبوتين مع الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتريس عبر الأون لاين بتاريخ 15 أيار 2021 بشأن حدث العنف الإسرائيلي – الفلسطيني و ضرورة العمل على توقيفه فورا . و المعروف بأن روسيا دولة و قطب نووي عملاق مؤثر في الميدان الدولي , و تتبع سياسة حكيمة منصفة خاصة في مجال القضية الفلسطينية العادلة , و تصريح مرافق لسيرجي لافروف وزير خارجية روسيا انتقد فيه طرد المستوطينين اليهود للفلسطينيين من بيوتهم و استفزازهم و التحرش بهم . و نعرف بأن بداية الحدث الأخير الأسرائيلي – الفلسطيني , و الكلام هنا لي , كانت في إحدى افطارات رمضان الكريم هذا العام 2021 عندما تحرش المستوطنون بالفلسطينيين أثنا إفطار شبابي فلسطيني , و بعدها اندلع الحدث و تحول بالتدريج الى فعل و ردة فعل , و عمل دموي عبر قصف صاروخي للمقاومة الفلسطينية البطلة الممثلة بتنظيمي ( حماس و الجهاد ) وسط هتافات ” الله اكبر ” , و قصف جوي اسرائيلي ارهابي مقابل إستهدف المواطنين الفلسطينيين الأبرياء من أطفال , و نساء , و رجال , و شيوخ و بيوتهم , وكذلك فدائيي القسام , و تسبب في استشهاد أكثر من 300 انسان , و مقتل عدد من اليهود . , وتأكيد لسيرجي لافروف بتاريخ 5 ايار 2021 في موسكو اثر لقاء جمعه مع نظيره الفلسطيني رياض المالكي دعا من خلاله لنزع فتيل التصعيد في القدس و قطاع غزة .
روسيا الإتحادية بالمناسبة تصف الشرق الأوسط بلغتها الروسية بالشرق القريب , و المسافة بين موسكو و رام الله و غزة قرابة 4000 كلم , وتعداد الإسرائيليين من اصل روسي و سوفيتي ومنهم اليهود يصل الى المليون ,وسبق لهم أن قدموا الى اسرائيل مهاجرين مع قرب انهيار الأتحاد السوفيتي 1991 , و يشغلون 20 مقعدا في الكينيست ( البرلمان ) , و ينخرطون في احزاب اسرائيلية هامة مثل ( الليكود ) , و ( ليبرمان ) , و ( اسرائيل بعلياه – اي حزب اسرائيل الصاعدة , و يلتحقون بالجيش الأسرائيلي النظامي و الاحتياط , و يشكلون نسيجا هاما و سط الشرائح الإسرائيلية الأجتماعية الدينية ومن بينها اليهودية البالغ تعدادهم قرابة العشرة ملايين نسمة . و مساحة الوطن العربي بالمناسبة البالغة أكثر من 14 مليون كلم مربع هي الثانية عالميا بعد روسيا الأتحادية البالغة مساحتها أكثر من 17 مليون كيلومتر مربع . ومقارنة بسيطة بين الوطن العربي غير الموحد و بين روسيا الأتحادية الموحدة , و حتى الولايات المتحدة الأمريكية الموحدة , و أوروبا الموحدة , و الصين الموحدة كمثال , نجد بأن غيرنا لا يسمحون للعجمي بالتطاول على شبر من أراضيهم و ناسهم , بينما تستباح ارض فلسطين و اراضي العرب من قبل الأحتلال الإسرائيلي كلما وقع اصطدام بين مستوطن محتل و فلسطيني صاحب الأرض وتسيل الدماء , و العرب يستنكرون و يشجبون فقط .
ان اوان العرب أن يتوحدوا , و لأن يصغو لنداء ملك العرب و شريفهم الحسين بن علي طيب الله ثراه الذي دعاهم للوحدة بعلم واحد , و جيش واحد , ونقد واحد , و جوازات سفر واحدة , و مصالح إقتصادية واحدة ( الحركة العربية – سيرة المرحلة الأولى للنهضة العربية الحديثة 1908 1924 . سليمان الموسى . ص 695 ) . و حان وقت دعوة إسرائيل لكي تتخلى عن سلاحها غير التقليدي ومنه النووي , وهو الممنوع على العرب و ايران , و أن ينسحب ذلك على منطقة الشرق الأوسط الساخنة بإكملها . وفي المقابل ستبقى القدس مدينة السلام و الأديان السماوية الإبراهيمية كافة نسبة الى جد الأنبياء ابراهيم الخليل عليه الصلاة و السلام , و لا مخرج لقضية فلسطين العادلة من دون قيام دولة فلسطين و عاصمتها القدس الشرقية وفقا لقرارات الشرعية الدولية 242 338 , و يكفينا فخرا نحن العرب التزامنا بالقانون الدولي ومعنا روسيا و 80% من دول العالم . و في الختام مبارك ” يوم روسيا ” المقبل 11 حزيران 2021 الذي يعزز الحضور السياسي , و الأقتصادي , و الثقافي , و الأجتماعي الروسي القوي و المعارض شرق العالم و مع غربه , و يحافظ على أمن العالم ذات الوقت .