د. حسين العموش
قرأت كتاب: (موازييك الذاكرة ..بندر احمد السديري..انسانا وشاعرا ) لمؤلفه نايف بن بندر السديري سفير المملكة العربية السعودية في الاردن . اول ما استوقفني في متن الكتاب هو عذوبة اللغة التي تشدك من اول فقرة الى اخر فقرة ،فضلا عن طريقة الانتقال الرشيق من فقرة الى اخرى ،بحيث تجد نفسك تتمشى بهدوء بين دفاته قريبا جدا من طريقة المشي في دروب الحياة . لا اجامل حين اقول انني شغفت بالكتاب ايما شغف ،اذ قرأته على دفعة واحدة رغم صفحاته التي تقارب الثلاثمئة ،دون ان آخذ نفسا ،كنت أتأمل بروية عذوبة الشعر الجميل لشاعر محدث نسبيا اشترك مع الشاعر العربي الحطيئة من حيث مكان المولد ،فقد ولد شاعرنا بندر السديري في بلدة الغاط الواقعة في خاصرة جبال طويق الشامخة ،شموخ اهلها ،والتي اشتهرت بوجود مسكن الشاعر العربي الحطيئة منذ اربعة عشر قرنا . يأخذك المؤلف نايف السديري ابن الشاعر الى مراحل حياة شاعرنا،فيبحر بك في العاطفة الى درجة تجعلك تحبس انفاسك انتظارا لتقرير المختبر حول اصابته بالمرض ام لا . ثم يأخذك مرة اخرى الى عالم من التفاؤل حين يقدم لك نموذجا ناجحا لرجل اعمال سعودي خاض غمار التجارة بجرأة ،فأسس شركات ناجحة شغلت المئات من ابناء السعودية والوطن العربي ،ليقدم بذلك نموذجا متقدما من رجال الأعمال العرب الذين عقدوا شراكات ناجحة مع شركاء اجانب ،ووصلوا بشركاتهم ومؤسساتهم الى العالمية . وانا اقرأ الكتاب كنت اعتقد ان مؤلفه متخصص في اللغة العربية وآدابها،خاصة وانه يخوض غمار الشعر عن شاعر معاصر ،لأفاجأ بان المؤلف يحمل درجة الماجستر في الدراسات السياسية من جامعة إلينوي الامريكية ،وسبقها ببكالوريوس العلوم السياسية من جامعة الملك سعود. من اجمل ما قرأت في الكتاب على الغلاف الاخير :(لن تجد في هذا الكتاب رواية في ختامها يتزوج الابطال ،او قصة يتباهى فيها السرد بمقدرة السارد ،او سيرة تدعي الندرة والاستثناء ،لكنك ستجد كارزيزما تكوين وكيان ،ينفعل فيها الزمان بالمكان ،ويحتفل المكان بذكرى انسان ،ستقرأ رحلة انموذج يختزل جيله الذي عاشره ،وعاش فيه ومن اجله ،ستكتشف أمكنة غادرها الوقت .لكنها بقيت مترعة بالشموخ والثراء ،ثم ستجد نفسك منفعلا بفقرات بر ووفاء وصدق وانتماء تقل محاكاتها في تجارب الاجيال ،كل ذلك باسلوب يهديك عبق التراث ،ولا يضن عليك بايقاع العصر ومباهج التحولات ). وفي الختام اقول للمؤلف:شكرا على هذا الابداع وانت تكتب عن سيرة والدك انسانا وشاعرا . شكرًا للمملكة العربية السعودية ،حين تمزج الادب بالدبلوماسية وتترك لها ممثلين وسفراء ينشرون عبق ابداعهم في دول شقيقة ، فحين يكون السفير اديبا ومثقفا ،تكون بذلك قد اوصلت رسالة الدولة بحكمة واقتدار ومحبة .