د. راكز الزعارير
تتسارع الأحداث والخلافات بشكل متفاقم بين قيادة الجيش الإسرائيلية المتمثلة برئيس الأركان هرتسي هليفي، وقادة أركان الجيش وبين حكومة نتنياهو المتطرفة نتيجة استمرار العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، وإصرار الحكومة على الاستمرار بالحرب دون تحقيق أي من الأهداف الاستراتيجية الثلاثة التي وضعها مجلس الحرب استعادة المختطفين الأسرى، نزع سلاح المقاومة، القضاء على حكم المقاومة السياسي
في قطاع غزة).
يتم توظيف إطالة أمد الحرب لغايات تحقيق مكاسب سياسية للرئيس نتنياهو وائتلاف حكومته المتطرفة والتي أدخلت سياساتها المتطرفة خلال الـ ١٥ سنة الماضية المنطقة في مأزق واختناق سياسي وعسكري أهم تداعيه
انفجار قنبلة غزة، جراء الحصار الظالم والاحتلال البشع والاقتحامات للمسجد الأقصى المبارك، والتوسع العشوائي المفرط للمستوطنات الصهيونية، وسياسات العنجهية المتطرفة التلمودية لرئيس الوزراء ووزرائه، وتنفيذه اللامسؤول السياسات ومطالب الاحزاب
اليمينية المتشددة بالتطرف الصهيوني.
رئيس الأركان في نظام الجيش الإسرائيلي هو القائد العسكري التنفيذي لإدارة شؤون الجيش والعمليات العسكرية وواضع الخطط والعمليات العسكرية والاستخبارية وتنفيذها أو تأجيلها أو الغائها، وهو الشخص الأول في الدولة المسؤول مسؤولية مباشرة عن المؤسسة العسكرية، وذلك مع الاعتبار بتنفيذ السياسات العليا للدولة التي تصادقها وتتخذها الحكومة، لكن يبقى رئيس الأركان هو القائد التنفيذي والميداني للجيش.
حكومة الحرب في إسرائيل تضم وزير الدفاع غالينت، ووزارة الدفاع في الحكومة هي منصب تمثيل سياسي للجيش في التشكيل الحكومي مهامه الرئسية التنسق بين الحكومة وقيادة
أركان الجيش.
رئيس الأركان هليفي واجه محاولات ضغط وإهانات من نتنياهو، حيث منع أكثر من مرة من المشاركة في بعض جلسات مجلس الحرب، وكذلك خضوعه لعمليات تفتيش اثناء دخوله لحضور الجلسات من قبل حرس نتنياهو، ما أدى إلى تفاقم قلة الثقة، وتوسع الفجوة بين القيادة
العسكرية والحكومة وقيادات أجهزة الأمن.
التوظيف السياسي للحرب من قبل الحكومة بات يشكل أزمة داخلية حقيقية داخل دولة الاحتلال، وفي مجلس الحرب يتكتل وزير الدفاع مع رئيس الحكومة لتحقيق المكاسب السياسية
مستقبلا بينما بنجان بن غانتس المنافس
السياسي لنتنياهو على رئاسة الورزاء بعد الحرب مع رئيس الأركان وقادة أجهزة الأمن الرئسية الثلاثة (الموساد وشعبة الاستخبارات الشاباك) ويؤيدهم عدد كبير من كبار قيادات الجيش السابقين، حيث وجه أكثر من 170 منهم رسالة تضامن مع قيادة أركان الجيش وضد سياسات
التوظيف السياسي للحرب من قبل الحكومة.
توسع الخلاف أيضا بشكل أكبر، وأصدر قادة أركان الجيش بيانا هاجموا فيه الحكومة، وقالوا بأنهم يحاربون ميدانيا على خمس جبهات والحكومة تحاربهم في الدخل في مجلس
الوزراء.
رئيس الأركان قام قبل أيام بتشكيل لجنة تحقيق بأسباب الإخفاق العسكري والانخداع أمام «المقاومة» يوم 7 أكتوبر برئاسة رئيس أركان سابق دون الرجوع للحكومة ولا لوزير الدفاع
فيها، مما اعتبرته الحكومة حالة من تجاوزها وتمرد من رئيس الأركان واستقلاله بالقرار داخل الجيش واللجنة تلك يمكن أن تدين بنتائج
التحقيق بعض اعضاء الحكومة أو رئيسها.
كذلك يعزز فجوة الخلاف ويعمقها إصدار المحكمة العليا إلغاء قرار تحديد صلاحيتها بالرقابة على قرارات الحكومة، التي حارب من اجله نتنياهو لاقراره من قبل الكنيست، رغم الاحتجاجات الضخمة ضده وكذلك مطالبات الرئيس الأميركي بايدن بوقف تلك الاجراءات التي تحدد صلاحيات المحكمة العليا الدستورية
في إسرائيل والتي لم يكترث بها نتنياهو.
الأزمة الداخلية تدفع بشكل متدحرج بالجيش نحو التمرد العسكري أو عزل رئيس الوزراء وحل مجلس الحرب وتشكيل مجلس عسكري مؤقت في إسرائيل يشرف على إدارة الحرب، وتحديد أهداف عملية وواقعية لنهاية الحرب
واليوم التالي بعد وقفها للوضع الفلسطيني والدعوة لانتخابات سياسية استثنائية في
إسرئيل.
من المرجح أن نشهد في القريب العاجل تحركات من قيادات الجيش للسيطرة على زمام الأمور في إسرائيل، من خلال تمرد على القيادة المتطرفة، وستشهده الدولة العبرية لأول مرة في تاريخها بسبب التطرف اليميني الصهيوني والظلم الذي تعرض له الشعب الفلسطيني.
Rzareer@hotmail.com