واضح أن الدولة الأردنية بدأت مرحلة المراجعات وإعادة الحسابات، واتخاذ إجراءات لتوحيد البوصلة وتحديد الاتجاهات نحو أردنة الدولة بمعناها الحرفي ومعناها المحدد.
دون أن تتخلى عن مواقفها أو تعاملها مع أية قضية، انطلاقًا من مواقفها الثابتة إزاء بعضها، بما لا يتعارض مع المصالح الوطنية العليا.
وبات واضحًا وجود استدارة داخلية وتوحيد الخطاب الإعلامي والتوجه السياسي، بالتركيز على قضايانا وأوضاعنا الداخلية بما يعزز الهوية الوطنية ويبرزها بشكل واضح، كمنطلق في التعامل مع الأمور الأخرى دون التخلي عن مواقفنا السياسية إزاء القضايا القومية والعربية.
وأثبتت الأحداث والمنعطفات التي مررنا بها خلال الأوقات السابقة وجود حالة من الانقسام المجتمعي حول بعض القضايا وآلية التعامل معها.
وأصبح البعض في مجتمعنا يعتبر القضايا الوطنية أمرًا ثانويًا أو درجة ثانية مقارنة مع القضايا الأخرى التي يتبناها، ومع أننا لا ننكر على أحد قضيته والإيمان بها والدفاع عنها، إلا أنه لا يجوز أن تكون على حساب الدولة ومصلحتها الوطنية.
خاصة وأن العالم والمنطقة تمر بحالة من الغليان، وحالة من عدم الاستقرار، والأحداث المتسارعة لن تبقيها على حالها، فما إن تهدأ وتنتهي سنشهد شكلاً جديدًا وحالة من التغيير الجذري على العالم بأسره لا يمكن أن نتوقع أثره أو معرفة شكله ومدى الضرر الذي سيخلفه على البعض أو الفائدة التي سيجنيها البعض الآخر.
لكن الأمر الثابت أن العالم يمر بمخاض جديد نحو مرحلة تاريخية جديدة تتطلب توقع جميع الاحتمالات ووضع كل السيناريوهات للتعامل معها واستيعاب أثرها وامتصاص صدمتها حتى نتمكن من التفاعل والتشابك معها بأقل الأضرار.
وهذا الأمر لا يعتمد على الدولة ومؤسساتها فقط، لأن المجتمع عنصر فاعل فيها، يؤثر فيها كما يتأثر بها، وبالتالي فإن انعكاساتها سواء كانت إيجابية أو سلبية ستترك أثرًا على الجميع.
ومن هنا لا بد من اتخاذ قرار وموقف واضح نحو الدولة، والوقوف معها، والابتعاد عن المنطقة الرمادية في تحديد موقفنا إزاء قضايانا الوطنية أو التحديات التي تواجهنا. ــ الدستور
