فارس الحباشنة
العالم يقترب من الاعتراف باعلان نهاية كورونا. النرويج كانت اول دولة اوروبية تعلن عن نهاية كورونا، وعودة الحياة كاملة، وتلاها اليابان وكورويا الجنوبية، وكذلك ايطاليا وفرنسا وضعتا سقفا زمنيا قريبا لاعلان نهاية كورونا .
كورونا قلبت النظام العالمي، والوباء داهم الدول والاقتصاد والمجتمعات. وحتى الان، ومع بدء خطوات التعافي فان العالم لم يحصر بعد الخسائر الناجمة عن الوباء، ولا فهم ما قد جرى بالفعل، وما هي الاولويات والتحديات الدولية القادمة.
عمر كورونا الوبائي عامان. والعالم حتى الان لم يطلق اي عنوان وشعار للتعافي لما بعد كورونا. في الحرب العالمية الثانية وما حل ولحق من دمار في اوروبا والنظام العالمي احتاج الى عشرة اعوام واكثر لاصلاحه وترميمه والخروج من تبعات ازماته، وعرف العالم ما يسمى ب»مشروع مارشل «.
كورونا خلفت صراعا متوقعا بين مفاهيم السلطة المركزية والحرية، والشعبوية اليمينية، والشمولية، والنظرة الى العلم وسلطته، والعدالة الطبية، وراينا ذلك في عدالة توزيع اللقاحات، والامبرالية الطبية.. تحكم وقوة نفوذ شركات الادوية واللقاحات في الاقتصاد الطبي الاممي، وجدل اضافي في الاولويات ما بين التعلم والصحة والسلطة والدولة الامنية.
و جدل مواز ايضا حول مفهوم الدولة والقوة. وهل من واجب الدولة الحماية الصحية ام الامنية وما مدى توغل ذلك على حرية الافراد والمجتمع، والحدود التي يقف عندها ويمكن ان يتعداها ويتجاوزها ؟
اسئلة نابعة من صميم تجربة كورونا اللعينة والمريرة. والوباء نسف مفاهيم كثيرة كانت راسخة. التكنولوجيا وتطبيقات الاتصالات تقدمت في الصدارة المجتمعية، واحتلت دورا متقدما، وفي معركة الوباء كانت التطبيقات بمثابة السلاح الوحيد في تتبع المصابين وملاحقة الفايروس، وضمان التزام في الحجر والحظر الشامل والجزئي، ورا?ينا كيف خدمت التكنولوجيا الصحة العامة وحماية حياة البشر.
وطبعا، فان ذلك زاد من تدخل الحكومة في حياة الناس، ومحى ما يسمى بالخصوصية، واصبح الانسان رهن اشارة تطبيق الالكتروني يتحكم ويراقب حركته وعيشه اليومي وتنقله، واكله وشربه ونومه، علاقته الاجتماعية والانسانية.
وها هو العالم يتنفس الصعداء للتعافي والخروج من ازمة كورونا، وتغيير مفردات ولهجة الساسة والاطباء في العالم، واستعمال مفردة ما بعد كورونا. فالمراجعة والتقييم لخسائر وتوابع كورونا يبدا من الانسان اولا.. وهذا الانفلات المتوحش للرا?سمالية والليبرالية الجديدة وكيف استغلت الوباء. مقاربة عودة الحياة واعلان نهاية كورونا وتفييم امتداد الوباء وتاثيره على الاقتصاد وكل اوجه الحياة.
في ازمة كورونا وقعت اخطاء فادحة كثيرة. اخطاء في التعليم والصحة العامة، وعرت الازمة النظام الاقتصادي وعرت السياسات الاجتماعية، وعرت العقائد المركزية، ووضعت النظام الصحي امام اختبار صعب على المحك.
من جديد الخطأ ممنوع، ووهو ما لا يمكن ان يكرر بعد كورونا واعلان التعافي ورفع اوامر الدفاع وعودة الحياة، ولكي يتسنى التوصل لاجابات صحيحة عن معادلة معقدة وصعبة في وقت اصعب.