عيسى محارب العجارمة
غالبا وفي هدأة الليل تنتابني كوابيس سماع صوت رصاص البندقية الاولى والرصاصة الاولى أثناء التدريب بمعسكر الاغرار بمنطقة خو عام 1986، وكأنني أستعيد مشاهد من فلم الاوسكار صمت الحملان .
ويبدو ان الحلم الجميل والكابوس اللذيذ قد تحول الى حقيقة واقعة تفي بمتطباتي النفسية وحاجتي لان اكون ضمن جبهة قتال حقيقية ضاع العمر دونما شرف الالتحاق بها .
فقد شهدت الشهور الخمسة الماضية سماع دوي بالذخيرة الحية للاسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة تنتقل عبر سكون اليل من وحدة قتالية مجاورة ،وذاك خلال عملي الليلي المرهق بأحدى الكسارات بغور الاردن الغالي .
وتبلغ الاثارة ذروتها حينما تصطدم بعضها بالجبل المحاذي لمنامي ولشد ما اتمنى شرف مشاركة أؤلئك الابطال ذاك العمل الليلي بميدان رمايتهم .
وانا اعتبر هذا المقال بمثابة تفويض لقائد الوحدة الغالية بتنازلي عن كل حقوقي التي كفلها لي القانون حال تعرضت لنيران تلك الاسلحة الصديقة سواء اصابة قاتلة او تعرضي لجرح بليغ فالموت برصاص الجيش العربي هو اجمل الاوسمة التي اكلل بها خاتمة حياتي ان كتب الله لي الشهادة بتلك الطريقة الرائعه للموت النبيل .
سقت هذه المقدمة لان كل حياتي كانت عبارة عن مناورة تحت وابل من النيران الصديقة فنلت من أذاهها ما تنؤ الجبال بحمله فخسرت كل شئ الا قلمي مرهف الحد كالسيف لاخدم به الجيش العربي واجهزتنا الامنية والعرش الهاشمي المفدى .
أنا منذ قرابة ثلاثة سنوات امر بظروف غاية في التعقيد وقمت بتخفيض نتاجي الاعلامي بأضيق الحدود نتيجة عملي المرهق وعدم وجود تغطية نت لدي وحينما يتحدث الاخرون على مسامعي اكون بحالة شرود ذهني وانفصال عن الواقع كتلك التي اصابة القذافي قبل سقوطه .
صبيحة اليوم تحدث احدهم امامي عن مسير خط باصات عمان وادي السير ورعونة احد السائقين اثناء توجهه من البلد للبيادر بعبدون امام مؤسسة اموال الايتام ومعه ثمانية ركاب فقط ليجد رتلا من العمالة الوافدة على المسرب المقابل ليعود بهم القهقرى ثلاث مرات على التوالي لوسط البلد .
وهو عين ما امارسه اليوم وانا اكتب مقالي الحالي وما قبله واقوم بفرض نفس الكلام لاشنف به اذان المستمع الكريم حال تكلمت باي مجلس كذلك الامر بنفس الرواية والكلمات برعونة وبلادة ذاك السائق الابله برأيي دون ان ابالي بالثورات الاجتماعية المرافقة للربيع العربي.
دخلت على الخط وقلت له بأنني ممنوع من دخول وسط البلد لامور عائدة لقصة فشلي المالي المزمن الذي وضعني في خانة الغارمين الدائمين الطويلة بهذا البلد ، وشرحت له المسار التفصيلي لخط رحلة سير الباص التي افتدقهابشدة منذ الطابور الطويل بساحة النافورة بالثامنة صباحا والذي يضم كل الوان الطيف بالاردن الغالي من موظفين وعمالة وافدة وعسكر وسكرتيرات حسان الى سريلانكيات باخسات الحسن .
الى ركوب الباص وزعرنة صديقي الكنترول – يالله كم افتقده – وزعيق الاغاني بالباص على الصبح مرورا بالامانة التي اتذكرها بعهد ما قبل بلتاجي ، علما انني كنت من رواد مركز الحسين الثقافي وامارس به صرقعتي المسرحية والفكرية كمشاهد من جزر الواق واق والعيون تنظر لي شزرا كأنني مخبر للسي اي ايه .
بباص وادي السير انظر لجبل عمان فوق رأسي واتذكر نوبات الحراسة بشارع الرينبو على بيت ذاك المخنث الكبير الذي صرح بعهره بحضرة السفيرة الامريكية السابقة وهو اليوم يمتلك كوفي شوب شهير هناك للمخنثين امثاله ويجهر بتقديم الخمور بنهار رمضان لانه مدعوم من احداهن اثناء اقامته السابقة بالكويت ما قبل 1990 .
ثم اصل لاشارة الايتام واتذكر يتمي الدائم بوطني ثم لتقاطع الخامس وفندق الفور سيزنز وسبق ان عملت حارسا شخصيا لثريا عراقيا حضر حفلا به بمنتصف كانون وكانت السيقان تنحر ما بقي من حياء لما فوق الركبة بشبرين لسيدات غاية بالثراء الفاحش نزلن من سيارات فارهة شبيهة بتلك التي نراها بالافلام على بوبات فنادق القمار بلاس فيجاس .
ثم يتهادى الباص ليقف مقابل مسجد الشركس لادلف منه لشارع الحمراء بالصويفية وصولا لشركة التخليص التي سبق وان كنت احد موظفيها بالمنطقة الحرة بالمطار لاستلم راتبي وسط قرف السكرتيرات الحسان من بداوتي وسمرتي المخيبة لامالهن التعيسة .
لاعود القهقرى من ذكرياتي لاختم بها هذا المقال المقرف لكثير من الاوباش عاملهم الله بعدلهم بكافة مواقعهم ولولا صلة رحم قديمة بالجيش العربي لنقلت البندقية من كتف الى كتف وسيعلم الحي اليمانيون اذا قلت اما بعد فأنني خطيبها .