اسعد العزوني
رسالة تتطلب الرد عليها
يتطلب التهويد- الذي قام عليه المشروع الصهيوني المؤيد من قبل صهاينة العرب من أبناء التيه اليهودي في صحراء الجزيرة العربية،الذين إكتشفهم السير بيرسي كوكس ،ووقع معهم وثيقة التنازل عن فلسطين مقابل تمكينهم من حكم الجزيرة العربية ،وأعني بذلك الملك عبد العزيز بن سعود- شطب الإنسان حيا أو ميتا وقطع صلته بالأرض الفلسطينية، في القدس على وجه الخصوص وفلسطين بشكل عام،ولذلك نرى المستدمرين الصهاينة يعملون جاهدين على طرد أصحاب الأرض الأصليين الفلسطينيين ،من خلال التضييق عليهم واجبارهم على الرحيل ،ومن لم يرحل طواعية ،يتم ترحيله عنوة بعد مصادرة بيته وأرضه وربما إيداعه السجن وتشريد عائلته،كما حصل وما يزال يحصل بعد إتفاقيات اوسلو ومعاهدة وادي عربة سيئتا الصيت والسمعة.
منذ فترة ليست بالقصيرة إنتقل المستدمرون الخزر اليهود في فلسطين إلى إعلان الحرب على الموتى الفلسطينيين في مقابرهم ،وتجريفها لتحويلها إلى فضاءات لراحة المستدمرين وأطفالهم ،وكان للأردن نصيب من هذه الحرب ،علما أن الأردن مارس سياسة الإعتدال بأقصى درجاته ،ومع ذلك فقد صنفوه على أنه عدو ،مع أن ذلك شرف لنا ،أن نكون أعداء لهم ،إذ لا يشرفنا الإرتباط بهم بأي علاقة إيجابية .
هذه الحرب القذرة طالت قبور الشهداء الأردنيين الذين ضحوا بأرواحهم من أجل فلسطين،إذ ان التضحية بالروح هي أرقى أغلى التضحيات ،وقد سجل الأردنيون منذ الإنتداب البريطاني على الأردن وفلسطين موقفيا قوميا مميزا سطروه بالدم بعيدا عن الشعارات والمزايدات ،وكان الشهيد كايد مفلح عبيدات أول شهيد أردني إرتقى إلى الأعلى دفاعا عن فلسطين ،بعد أن توجه مع أكثر من 120 فارسا أردنيا إلى فلسطين لمقارعة الإنجليز والصهاينة وقضوا جميعا وإرتقوا شهداء.
الإعتداء على حرمة المقابر في فلسطين من قبل يهود الخزر سمة دائمة لهم،واليوم وصل الصلف الصهيوني مداه مؤيدا من قبل صهاينة العرب من المراهقة السياسية في الخليج،إلى الإعتداء على مقبرة اليوسفية بمحاذاة سور القدس والقريبة من المسجد الأقصى ،وتضم صرحا لشهداء أردنيين إرتقوا إبان عدوان حزيران 1967،وسميت مقبرة الشهداء،وبدأ هذا الإعتداء الآثم على صرح الشهداء الأردنيين قبل نحو 3 سنوات من خلال إغلاق الطريق والحفريات من أجل جرف أرض المقبرة بما تحويه من جثامين طاهرة للشهداء الأردنيين والموتى الفلسطينيين ،بهدف إقامة متنزهات للمستدمرين وأطفالهم.
القصة لا تكمن في تجريف مقبرة تحوي صرحا للشهداء الأردنيين والسلام ،بل هي أبعد من ذلك بكثير ،وهي رسالة غير مشفرة للأردن تعني قطع صلته بالقدس وفلسطين ،وهذا ما يطمح له ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ،الساعي لإجبار الأردن على التنازل له عن الوصاية الهاشمية على المقدسات العربية في القدس المحتلة ،لإستكمال سيطرته على المدن الروحية الثلاث “مكة والمدينة والقدس”وإقامة كانتون ماسوني يضمها.
ونحن بدورنا ننتظر من وزارة خارجيتنا موقفا مشهودا لها وهو إيصال رسالة معاكسة من الأردن إلى المستدمرين الصهاينة ،وأتمنى الإعلان عن تموضع جديد لقواتنا الباسلة شرقي النهر ،حتى يشعر هؤلاء المتعنتون بسفاهة تصرفاتهم .