فارس الحباشنة
اكثر من 3 شهور مرت على اطلاق منصة التطعيم في الاردن. وحتى الان فان عدد متلقي اللقاح قفز من 55 الف شخصا في الشهرين الاولين من اطلاق المنصة الى حوالي مئتي الف شخصا تلقوا الجرعة الاولى وحوالي 63 الف شخصا تلقوا الجرعة الثانية، وذلك بينهم عدد كبير من العاملين في القطاع الصحي.
بمعنى رقمي فان نسبة التطعيم لم تتخظ 2 ٪ من اجمالي الاشخاض الواجب تلقيهم اللقاح لتحقيق المناعة المجتمعية، والتي يقدرها علماء الاوبئة بـ70 ٪ من عدد السكان، واي ما يقدر اردنيا بـ7 ملايين شخص.
عملية التطعيم وسط ما نسمع من تصريحات رسمية الا انها تسير ببطئ سلحافي. ولماذا تاخر وصول اللقاح للاردن؟ ولماذا يصل بعد؟ ولماذا تغاضت عن هجمات شيطنة اللقاح والراي العام المضاد للتعطيم الذي انتجهته جماعات معادية للقاح وشوشت في روايات وخزعبلات وفبركات غير علمية ولاعقلانية موضعية على ثقة الاردنيين باللقاح.
و قائل ما يقول: ان ثقة الناس باللقاح من عدمها، ما الجدوى منها ما دام اللقاح غير متوفر ولم تصل الكميات المطلوبة للاردن؟! ملاحظة قويمة في عارض ازمة التقليح لم تفرج الحكومة عن كامل اسرارها وخباياها، ولم تفصح عن حقيقة الاعتراف الاردني الرسمي المتاخر بجدوى ونجاعة التطعيم، واين اختفت اتفاقيات وصفقات عقود شراء اللقاح من الدول والشركات المصنعة التي تحدث عنها وزير الصحة السابق سعد جابر؟
ولربما من اخطر تبعات تاخر وصول اللقاح للاردن، ان الجرعة الاولى من اللقاح التي اخذها عدد محدود من الاشخاص، فقد ينفذ مفعولها ان لم تتبع بالجرعة الثانية. وقد يتسلل التقليح بنظر اطباء وخبراء اوبئة ليكون شبه موسمي وغير منقطع. وفي هذا الخصوص اجتهادات واراء طبية شبه مجمعة على حتمية اللقاح واستمرارية تعاطيه.
ولخطورة تاخر وصول اللقاح جوانب اخرى ومن ابرزها ان تطعيم اعداد محدودة من الاشخاص لا يجدي نفعا على مستوى المناعة الكلية المجتمعية المرجو تحقيقها من التطعيم الشامل للمجتمع. فحصر اعداد متلقي اللقاح يعني كانك ما يقول المثل الشعبي «كانك يا عواد ما غزيت».
الوضع الوبائي في الاردن.. ما بين فكي كماشة: ارتفاع اعداد الاصابات يوميا، ومعدل الفحوص الايجابية من جهة، والجاهزية الطبية وما يواجه القطاع الطبي من تحديات عسيرة وضاغطة بمعدلات نسب الاشغال السريري وامكانيات الكادر الطبي ومدى تحمله، والارتفاع اليومي لحالات الادخال الحرج طبيا والوفيات.
المزاج العام انقلب بحدية مع اللقاح، والاقبال اشتد وازداد على التسجيل لاخذ اللقاح، واختفت النغمة الشعبية بالتشكيك باللقاح، ونظرية المؤامرة، وشيطنة التطعيم، والكلام الفارط عن اعراض وجوانب صحية خطيرة تصيب متلقي اللقاح.
حالة من شبه الاجماع شعبيا على اللقاح، ولسان حال الاردنيين بعد الموجة المتحولة والمتحورة الاخيرة من الفايروس ينطق خوفا وقلقا ب: بدنا لقاح، بدنا نطعم، واين اللقاح؟ ولذا، فان ثمة موجبات كثيرة تستوجب ادارة التفكير في عملية التلقيح والتشدد بالاجراءت وتنظيم المنصة، ووضع تعليمات وضوابط معايرية لعملية استيراد اللقاح، والتوسع في عملية التلقيح لتشمل المراكز الصحية والمستشفيات والعيادات الخاصة.
و اذا لم يمض الاردن بخطوات سريعة في ملف اللقاح، فان المرحلة القادمة خطرة وعواقبها وخيمة وبائيا واقتصاديا ومعيشيا وامنيا. نهاية كورونا، والانتصار على الفايروس، والفرج بالتلقيح.. وكما يبدو فان اللقاح من سيعتق البشرية من حتمية كورونا.