الدكتور محمد حسين المومني
في ضوء المعلومات المتواترة عن قرب إقرار وإنتاج لقاح مضاد لفيروس كورونا، ترتفع الآمال بعودة الحياة لطبيعتها بعد عام ثقيل ألقى الفيروس بظلاله على مناحي الحياة كافة. عدد من الشركات العالمية المرموقة أعلنت نتائج مبشرة جدا عن لقاح للفيروس تقول التوقعات إنه سيجري اعتماده واستعماله قبل نهاية هذا العام، وفي ضوء الطلب العالمي الكبير المتوقع على هذا اللقاح تبدي الشركات استعدادها لإنتاج كميات كبيرة قد تغطي 20 % من الطلب العالمي مع نهاية فصل الشتاء، وحوالي 70 % من الطلب العالمي مع نهاية عام 2021. هذا يعني أنه بالرغم من التفاؤل الكبير بقرب إنتاج اللقاح، الا أن عملية إنتاجه وتوزيعه وتخزينه وإعطائه للناس، عملية معقدة قد تتطلب أشهرا، وذاك يوجب الاستمرار بالإجراءات الصحية من تباعد اجتماعي ولبس للكمامة الى أن يتم إعطاء اللقاح للناس على نحو يخفض عدد الإصابات وعدد المحتاجين لدخول المستشفى. اذاً الأزمة في نهايتها، لكن الى أن تنتهي بالفعل، لا بد من عدم التسرع بأي قرار كان.
الأردن، كما غيره من الدول، تعاقد على شراء كمية من اللقاح الذي سيتم إنتاجه، ولكن مهم جدا أن ننتبه للعمليات اللوجستية المصاحبة من نقل وتخزين وتوزيع على الناس، لأن أي خلل بهذه العملية المعقدة ستكون تكلفته الصحية والسياسية مرتفعة جدا، وإلى أن يتم ذلك، نعكف محقين على بناء مستشفيات ميدانية زادت من أعداد الأسرة وأسرة العناية الحثيثة، وهذا جيد ومفرح وإنجاز، ولكن يتساءل الناس بحسرة لماذا انتظرنا كل هذه المدة لنفعل ذلك فيما نحن الآن نقترب من نهاية هذه الأزمة الفيروسية؟ وقد تم البدء ببناء مستشفيات ميدانية فقط بعد تدخل ملكي وإيعاز للجيش نحمد الله على وجودهما. ذاك سؤال وطني مشروع ومهم يؤشر لعدم الاستراتيجية وعدم الاستمرارية بالقرار الإداري الصحي في هذه الحالة، وكأن المعنيين بالقرار بزيادة الأسرة وإنشاء المستشفيات الميدانية ارتأوا عدم اتخاذه وقذفه لمن يأتي بعدهم! وكان الأولى والأحرى البدء منذ بدايات الأزمة بزيادة قدرات قطاعنا الصحي حتى نستطيع أن نجابه هذا الوباء.
الناس يتساءلون أيضا لأنهم يرون تناقضا بائنا بين توجهات زيادة القدرات الصحية وبين استمرار الغلق للاقتصاد وتغليظه، فالبنسبة للمواطنين زيادة القدرات الصحية معناها قدرة أعلى على التعامل مع حالات الإصابة، ما يعني إمكانية المغامرة بمزيد من الفتح للاقتصاد.
يترافق ذلك مع تبادلية تتضح شيئا فشيئا بين لبس الكمامة والإغلاق، وهذا أدى لزيادة الالتزام بلبس الكمامة، ولكن أيضا يجب أن يترافق مع إجراءات تخفيفية على الاقتصاد الذي يشعر البعض أنه لم يسلم بعد من التشدد الصحي وإن كان ثمة مؤشرات تحسن لجهة إحقاق التوازن بين الصحي والاقتصادي. إنشاء المستشفيات الميدانية، وتلمس استقرار بأعداد الإصابات، وزيادة الالتزام بلبس الكمامة، يملي ضرورة النظر بدرجة أكبر من الانفتاح للاقتصاد، ووقف الإغلاقات الاقتصادية الضارة جدا للناس. هذا لسان الحال المواطنين وهو منطق سديد.