د . عودة أبو درويش
هموم الهيئات الثقافيّة
بقلم : د . عودة أبو درويش
لم يتغيّر الهمّين الرئيسين للهيئات الثقافية في محافظة معان ، كما هي في المحافظات الأخرى ، منذ أن تمّ مأسسة العمل الثقافي واصدار قانون يسمح للمثقفين الراغبين بإنشاء هيئات ثقافية مثل الجمعيّات والملتقيات وفرق احياء التراث وغيرها . والهميّن هما ايجاد مقرّات لهذه الهيئات وزيادة الدعم المالي المقدّم من وزارة الثقافة لكي تستطيع القيام بمهامها وواجباتها ، وهذا ما طلبه رؤساء الهيئات الثقافيّة في لقاء مع وزير الثقافة قبل يومين وأيضا كانت نفس المطالب قبل عشرين سنة ، فبعضها تمّ تأسيسه منذ عشرين أو ثلاثين سنة ولا يزال من دون مقر أو يزاول نشاطاته بمقرّ مستأجر يدفع اجرته السنوية من الدعم المالي السنوي المقدّم من وزارة الثقافة ، مما يحدّ من النشاطات التي يمكن أن يقدّمها للمجتمع وخصوصا أنّ المقرّات المستأجرة صغيرة المساحة وليس فيها قاعات تصلح لإقامة الندوات والمحاضرات ، وهذا أمر غير مقبول .
ما كنّا سنلمس حراكا ثقافيّا لولا وجود مركز الامير الحسين بن عبدالله الثاني الثقافي في معان . هذا الصرح الكبير الذي يحتوي على قاعات ومدرّج كبير ومجهّز بأحدث الأجهزة الصوتية والانارة الكهربائيّة المتطوّرة ، والذي تقام فيه يوميا نشاط أو نشاطين عن طريق مديريّة الثقافة ، وأصبح حاضنة لمعظم الفعاليات الثقافيّة في المحافظة ، وساعد الهيئات الثقافيّة في اقامة بعض انشطتها فيه ، ولكنّ هذه الانشطة قليلة جدّا ولا تلبّي الطموح ، فكثير من ابناء المجتمع المحلّي يتوقّعون من وجود هيئة ثقافيّة مرخّص لها سواء كانت جمعيّة أو ملتقى أن يقيم على الاقل محاضرة واحدة كلّ اسبوع وندوة كلّ اسبوعين ومعرض فنّي شهري ، واسبوع ثقافي سنوي ، أو حتّى مهرجان ثقافي يتميّز بالحفاظ على الموروث الثقافي في المحافظة على غرار مهرجان السامر في الراجف .
حجّة الهيئات الثقافيّة الدائمة قلّة الموارد الماليّة ، ولكن كثير من النشاطات التي يتوّفر لها الآن مكان لإقامتها لا يحتاج الى مبالغ ماليّة طائلة ، فالناس الذين تشغلهم هموم الحياة أيّاما كثيرة يحتاجون الى الاستماع لمحاضرة قيّمة أو ندوة فيها فكر قيّم أو لحضور فيلم سينمائي راقي وغير مبتذل . وهل ايجاد موقع الكتروني محترم للهيئات الثقافية في المحافظة مجتمعة أو على حدة ، يحتاج الى جهد كبير مع هذا الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي ، والذي أصبح جميع الناس يتابعون كلّ شيء عن طريقها ، الاخبار والفعاليّات وقراءة الكتب والمقالات . فالثقافة تنشر الوعي والمعرفة وتحدّ من السلوكيات الخاطئة ومن المشاكل المجتمعيّة وتطوّر من تفكير الناس وتؤثّر ايجابا في سلوكهم واخلاقهم .
وزارة الثقافة يجب أن لا تقدّم الدعم المالي الّا للهيئة التي تقوم بالفعاليات والانشطة التي وضعتها في خطّتها المقترحة ،وأن تكون هذه الفعاليات موثّقة ، ولصعوبة بناء مقرّات خاصّة دائمة لكل هيئة ، فانّه من الممكن أن تكون في احدى المباني الحكوميّة التراثيّة مثل السراي العثماني ، والذي كان في يوم من الايّام مقرّ لمديرية الثقافة وللهيئات الثقافيّة .