فارس الحباشنة
من ولادة مجلس النواب الحالي، قلت بانه سيكون متميزا، وسوف يتفوق على المجالس السابقة في الاداء والهوشات والمشاجرات، والاعتراك تحت القبة .
لست حامل نبؤة، ولكن ثمة مؤشرات اولية من سير السادة النواب ومؤهلاتهم ومواهبهم وامكاناتهم الذاتية تستطلع وتستشرق بوضوح المستقبل والقادم .
جلسة امس تاريخية .. وسجلت هوشتين وملاسنة واشتباكا بالايدي، وبكسات، وكلاما بذيئا وجارحا، والالفاظ ومفردات لاول مرة تخرج من افواه نواب تحت القبة، وتطرق اسماع الاردنيين الطيبين اثناء متابعتهم جلسة النواب .
فاسمحوا لي بمقارنة سريعة، في المجالس السابقة، كان النواب يتهاوشوا ويتخانقوا ويشتبكوا بالايدي و»العقل» وكاسات المياه، ولكن لم يسجل سماع كلمة واحدة بذئية وخارجة عن النص والسطر الاخلاقي والاداب العامة .
امس، كنت معزوما على الفطور في منزل صديقي .. اغلق التلفزيون امام اولاده الصغار، واعتذر لهم من متابعة جلسة النواب .. وصراحة، الرجل كان شديد الخجل من اولاده، ولا يعرف كيف يفسر لهم الالفاظ والكلمات التي صدرت من افواه النواب .
الهوشات حارقة لصورة النواب شعبيا وسياسيا .. وجلسة امس كان جدول اعمالها مخصصا لمناقشة التعديلات الدستورية . الاعلام اكتفى بنقل الهوشات والملاسنات، واشتباك الايدي وتبادل الشتائم .
واعتذرت وسائل اعلام مهنية عن نشر كلمات كثيرة بذيئة على لسان نواب، وتم تدوالها في فيديوهات وموثقة .. تشعر بالخجل والحرج المهني عندما تنشر هكذا مستوى من الخطاب واللغة والالفاظ .
واعرف نوابا يتعمدون اثارة المشاكل والهوشات تحت القبة .. واعرف نوابا يبحثون عن الشعبية من وراء استعراضات الطوشات والهوشات والكلام الخارج عن النص والسطر السياسي والاخلاقي .
وهوشات امس، كشفت ان ثمة نوابا دورهم التحجيز، وبعضهم راجعت فيديوهات سابقة وظيفته في المجلس التحجيز، وبارعون في التحجيز .. وانصح لو يشكل لهم فريق طوارئ تحت اسم «جماعة التحجيز «، وتحصينهم في النظام الداخلي للمجلس في صلاحيات واسعة اثناء عملية التحجيز .
وهناك مجموعة ثانية من النواب، ودورهم المصالحة واصلاح ذات البين وفكاكين نشب .. ومن بعد هوشات امس اعلن عن عدة صلحات قادها نواب لحل وطي نزاعات القبة .
لماذا وصلنا الى هذا الانحدار السياسي ؟ سؤال برسم القلق، وتبعية ما قد ينتج ويخلف هذا المجلس من تشريعات وقوانيين واداء رقابي . امس رجعت الى برلمان 89، و93، وراجعت خطب توجان فيصل وليث شبيلات، وطاهر المصري، وجمال الصرايرة، وعبد اللطيف عربيات وفخري قعوار، احمد عويدي العبادي .
وكانت منابر البرلمان قلاعا للساسة، ومنابر للتنوير ومحطات سياسية لتناول شؤون البلاد في حكمة ورشد ومسؤولية .. وكانوا نوابا يعطون دروسا في الحوار السياسي واحترام الاختلاف في الراي والتعددية والتنوع الايدولوجي والسياسي .
ولا اعرف ماذا اكتب، واقول .. كيف اكمل مقالي هذا .. كلما اتذكر هوشة النواب اندب على حالنا السياسي وديمقراطية اردنية، كانت هي الاولى في الشرق الاوسط .. اليوم اخبار النواب هوشات وطوشات .