
الدكتور خالد هيلات
إذا توقفنا لتقييم جامعة اليرموك وسط مشهد التعليم العالي الاردني، علينا أن ندرك أهمية هذه الجامعة ومسيرتها الخمسينية، التي خرجت الكفاءات التي ساهمت في بناء الوطن ونهضته. وعلينا أن ندرك أيضا أن الأوضاع المالية للجامعة لا تعني أنها في أزمة مالية خانقة تهدد مسيرتها لسببين رئيسين وواضحين الأول يتعلق بإجراءاتها الإدارية والمالية التي تتسم بالنزاهة والشفافية والموثوقة وفق تقرير ديوان المحاسبة الأخير، أما الثاني فقد مرت الجامعة بازمات مالية عديدة على مدى خمسين عاما لكنها استطاعت وفي كل مرة الخروج منها. وعلينا قبل ان نقرر ان الجامعة في ضائقة مالية خانقة أن نكون منصفين ونرجع إلى سنوات بعيدة من عمرها ونقارن مديونيتها بعدد طلبتها وموظفيها وبرامجها وخريجيها ومن هم على مقاعدها الجامعية سابقا بما هي عليه اليوم وبخاصة في ظل الأوضاع والظروف الاقتصادية والازمات السياسية التي تعيشها المنطقة عامة والأردن بخاصة . ولكي نكون عادلين فقد استطعت الحصول على بيانات سابقة أظهرت ان مجموع ديون الجامعة حتى نهاية عام 2010 بلغت 20 مليونا و446 الف دينار لكنها انخفضت الى 14 مليونا و197 الف دينار منتصف عام 2015 ، مقابل ذمم مستحقة لها على الجهات الباعثة للطلبة قدرت باربعة ملايين و479 الف دينار، ما يعني أنها تشكل ثلث المديونية، أما اليوم فأن الذمم المستحقة على الجهات الباعثة والبالغة نحو37 مليون دينار فتشكل نصف المديونية. فمن غير المقبول والمعقول مقارنة ارقام صماء مع بعضها دون التعرض إلى المرافق والخدمات والمتطلبات التي ينبغي توفيرها للعاميلن في الجامعة، وارتفاع كلة استدامة 40 الف طالب، وارتفاع كلف صيانة المباني، وتوفير مبان اضافية بكلفها قبل نحو خمسة عشر عاما، وزيادة الابتعاثات وتوفير التكنولوجيا الحديثة وحصول المتقاعدين على مكافأتهم المالية. وبالعودة الى تقرير ديوان المحاسبة الاخير الذي لم يظهر ممارسات تندرج في إطار الفساد الإداري والمالي، فخلاصته تؤكد أن اليرموك بأيد أمينة من رئاستها إلى مجلس أمنائها، وهي كلمة حق ربما يكون صداها مناسبا لمن يتبع الحق وغير مناسب لمن يحيد عنه، لكن الاختلاف بالرأي لا يفسد للود قضية. وهنا نؤكد أن الحديث عن المديونية يجب أن لا يجتزأ بل أن ننظر اليه من مختلف الجوانب كي تكون المقارنات اكثر عدالة وانصافا، وأعتقد اننا نحتاج إلى بيانات وتقارير مالية تتضمن جميع البيانات المتعلقة بجامعة اليرموك الآن وما كانت عليه سابقا، من محاور الابتعاث والايفاد والتدريب، والديون المستحقة لها على الجهات المبتعثة العملية والكليات والبرامج التدريسية واعداد اعضاء الهيئات التدريسية والادارية والفنية فيها. وعلينا ايضا ان نعترف أن ملف مكافآت نهاية الخدمة للعاملين في الجامعة الذين امتد خدمتهم لثلاثة عقود وأكثر، وترتب عليه تعويضهم مبالغ كبيرة اثقلت كاهل الجامعة، تزامن مع الإدارة الحالية، فهل يعقل أن نحمل الإدارة تبعات ذلك. نعتقد ان سياسة ترحيل القضايا التي عانت منها الجامعة وعدم معالجتها في وقتها، هي التي اوصلت الجامعة لظروف اقتصادية ومديونية يتذرع بها الان معارضي الإدارة لشن هجومهم على الجامعة، ونتساءل هنا هل كان الاجدر بالادارة الحالية ترحيل الازمات كغيرها وكسب الشعبية أم التصدي لها ومواجهتها بثبات، الجواب على ذلك بدى واضحا فقد اختارت إدارة الجامعة معالجة الازمات بدل ترحيلها، ومواجهة الضغوطات الناجمة عن ذلك كي تنهض بالجامعة، وتسليمها للإدارة اللاحقة بإقل عدد من الضغوطات والازمات، ولم تختر الشعبويات، وترضخ لضغوطات التعيينات، سواء في المناصب الحالية دتخل الجامعة أم في التعيينات الجديدة الا بقدر ما يتطلب ذلك من حرص وشفافية، والله من وراء القصد .