سهير جرادات
وتبدلت الأحوال في زمن الكورونا .. اصبحنا نعيش في عالم غريب الأطوار لا يشبهنا .. وباء متفش وموت منتشر .. عُزلنا عن العالم وتغيرت أولوياتنا .. حظر وتباعد اجتماعي .. أصابنا ( التوحد ) ..الخوف سكن قلوبنا ..والأفواه مكممة .. الشوارع خالية والمطارات خاوية .. زواجنا بلا أفراح والموت دون عزاء .. المصاب شبهة والمخالط ملاحق .. الأبواب تقفل بأوامر دفاع.. ونتحرك بصافرات الإنذار ..نسير بنظام الفردي والزوجي ..نهرول الى المساجد لإداء الصلاة .. والكنائس تقرع أجراسها على استحياء .. الغني والفقير حُرم من الحج والعمرة ..حياتنا عن بعد .. منازلنا تحولت الى مكاتب ومدارس وجامعات .. المنصات انتشرت.. قطاعات أغلقت .. العلاوات خُفضت ..الحجر الصحي في الفنادق .. والمواطن حتى يتمكن من العودة إلى أرض الوطن عليه أن يسجل عبر منصات ( زيارة الأردن ) !! على اعتبار أنه زائر وليس من أهل الوطن !!.
وإن تبدلت أحوال البلاد والعباد ، فإن أحوال الحكومات لم تتبدل .. فلا ثقة بالحكومات ولا بالنخب السياسية.. لا إصلاح ولا مكافحة للفساد..الدَّين العام والمديونية في ازدياد .. والوضع تحت سيطرة صندوق النقد والبنك الدولي .. ملف الخصخصة يراوح مكانه وعجلة الاقتصاد لا تتحرك .. وشبهات حول أموال الفوسفات والاسمنت والبوتاس لا نعرف مصيرها .. ومقدرات البلد مبيوعة .. الواسطة والمحسوبية في ازدياد والمناصب تُورث .. الحريات تُغتال و الديمقراطية مفقودة … الزراعة دمرت والضرائب في تصاعد .. الحد الأدنى للأجور تحت خط الفقر .. فرص العمل معدومة ونسبة البطالة في ارتفاع .. قوانين تنتظر التعديل منذ منتصف القرن الماضي .. شعب غارق في وحل الفقر .. وسياسات التقشف تُطبق على الشعب، ويُستثنى منها مَن يَحكمون ويتحكمون ..
رغم الأحوال التي تبدلت ؛ لم تتبدل قيمنا تجاه بلدنا، الذي احببناه؛ ، فهو خيارنا لأنه وطن الآباء والأجداد ، الذين حرثوه وزرعوه وأحبوه وحموه وافترشوه منذ مئات السنين .. ووطنهم لأنهم ولدوا فيه وسيدفنون كسلفهم فيه .. مأواهم ترابه الذي جبل بعرق جبينهم .. الأردني ليس زائرا ولا عابر سبيل .. الأردني هو المسؤول عن حماية هذا الوطن والحفاظ عليه ..لأنه المخلص لترابه ومنه واليه يرجعون ..